المشاركات

عرض المشاركات من 2021

ثم أما بعد

مع إعلان نتائج الانتخابات الأولى لمجلس الشورى في قطر تنتهي المرحلة الأولى من تجربة سياسية جديدة تنتقل معها البلاد إلى نموذج تشريعي جديد، مرت الانتخابات بمراحلها المختلفة وبما احتوت من حوار مجتمعي وتصورات مختلفة للتغيير المرتقب مع المجلس المنتخب، ولكن يبقى السؤال، ماذا بعد؟ التحديات الحقيقية في هذه التجربة تبدأ الآن، فبعد أن يعين صاحب السمو أمير البلاد المفدى الثلث المتبقي من أعضاء المجلس ينتظم عقده مع افتتاح دور الانعقاد، ويبدأ التفاعل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية بشكله الجديد، هذه التحديات يمكن تصنيفها على مستوى الحكومة والمجلس والناخب، أما الحكومة فلا شك أن هناك منحنى تعليمياً ستمر به الطبقات الإدارية المختلفة مع تعزز الدور الرقابي للمجلس وخروج مداولاته إلى العلن، كثير من الإجراءات التي كانت تتم دون أن تجد طريقها إلى نقاش في الحيز العام ستصبح اليوم حديث الشارع، هذا الأمر سيكون له تأثير على أداء الجهاز البيروقراطي وتعامله مع أمور روتينية في الدورة التشريعية، ثقافة التعامل مع مجلس منتخب بدور رقابي تمثل تحدياً للمسؤول الحكومي يرتبط بتغير ثقافي وسياسي على المستويين الشخصي والمؤسسي.

“أوكيس” طعنة ثلاثية في الظهر الفرنسي

في الثالث من يوليو عام 1940 فوجئ الأسطول الفرنسي في ميناء المرسى الكبير في الجزائر بهجوم بريطاني مباغت، بعد ساعات قليلة هدأ صوت المدفع وهدير الطائرات ليكتشف الفرنسيون خسارة 1297 من البحارة وغرق سفينة وإعطاب ٥ أخرى، جاء هذا الهجوم بعد استسلام فرنسا لقوات ألمانيا وإيطاليا وتوقيع اتفاقية سلام معها، وعلى الرغم من تأكيدات الأدميرال فرانسوا دارلان أنه لن يسلم الأسطول الفرنسي لحكومته المتصالحة مع ألمانيا إلا أن وينستون تشرشل وحكومته وجدوا أن ترك الأسطول بهذا الشكل مغامرة لا يمكن القبول بها، كانت هذه الخسارة الفرنسية الأكثر إيلاماً في الحرب بعد سقوط باريس، وظلت العلاقات الفرنسية البريطانية في حالة توتر حتى بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بل وحتى رحيل شارل ديغول الرئيس الفرنسي الذي كان في لندن يلقي بيان المقاومة الأول فيها قبل شهر من الحادثة، ديغول منع بريطانيا من دخول اتحاد الفحم والحديد الأوروبي وخلفه التجمع الاقتصادي الأوروبي، ولم تدخل بريطانيا النادي الأوروبي الذي جاءت الدعوة لتأسيسه من تشرشل نفسه إلا عام 1973 بعد تولي بومبيدو رئاسة فرنسا. هذا السرد التاريخي يعود بالأذهان إلى حقبة صعبة تم

تراجع الأحزاب الإسلامية السياسية وصعود الحركات المسلحة

شهدت السنوات الأخيرة تحولاً هادئاً ومهماً في العالم الإسلامي، يتعلق بمكانة الإسلام السياسية، كان الإسلام وسيظل مركزياً ومحورياً في الحياة العامة في معظم دول العالم الإسلامي، ولكن صعود نجم الأحزاب الإسلامية في دول وأفوله في دول أخرى هو نتيجة إعادة تموضع للإسلاميين أنفسهم، وتغير الخريطة السياسية في المنطقة بشكل عام، أبرز التحولات نشهدها في تراجع شعبية النهضة في تونس والعدالة والتنمية في تركيا حسب استطلاعات الرأي المختلفة، وخسارة حزب العدالة والتنمية المغربي المدوية في الانتخابات الأخيرة، بالإضافة إلى تراجع ملحوظ لتأثير الأحزاب الإسلامية في عدد من الدول الآسيوية مثل باكستان وماليزيا وإندونيسيا، في المقابل حركة حماس في غزة وطالبان في أفغانستان تتزايد مركزيتهما في الحالة السياسية في فلسطين وأفغانستان إلى حد تحول الأولى إلى اللاعب الأهم فلسطينياً مع تراجع فتح والثانية إلى الحاكم الفعلي للبلاد بعد سقوط كابل، فهل نحن في زمن تراجع الإسلاميين أم صعودهم؟. التراجع الملحوظ لأحزاب الإسلام السياسي في عدد من الدول الإسلامية يرتبط بمجموعة من العوامل، أهمها هو اختبار هذه القوى في السلطة أو حولها خلال ال

العقبات أمام اعتراف دولي بطالبان

رغم التباين بين القوى الدولية والإقليمية حول التعامل مع حالة الأمر الواقع في أفغانستان إلا أن الجميع يبدو متفقاً على أنه من المبكر الحديث حول اعتراف رسمي بسلطة طالبان، على الرغم من أن بعض الدول بدأت فعلياً في التواصل والتعامل مع طالبان على الأرض إلا أن مسألة الاعتراف مازالت غير مطروحة على ما يبدو، صحيح أن طالبان لم تشكل حكومتها بعد ولم تبسط سيطرتها على كامل التراب الأفغاني مع بقاء ولاية بانجشير خارج سلطتها إلا أنه من الواضح أن أي شكل للسلطة تفرزه المشاورات الحالية سيكون بقيادة طالبان، إذن ما هي المعوقات أمام الاعتراف بحكم طالبان؟ المعوق الأول يكمن في واقع أن جميع الأطراف تجد في الاعتراف ورقة تفاوض مهمة مع طالبان لا ينبغي الاستعجال في استخدامها، الصين مثلاً والتي كان لها عصا السبق في التفاوض اقتصادياً مع طالبان ستجد نفسها في وضع مواجهة مع الغرب لو اعترفت أولاً بحكم طالبان، كما أنها من خلال تأخير الاعتراف يمكنها الحصول على ميزات تفاوضية أكبر خاصة وأن طالبان حالياً لم تضع الاعتراف شرطاً للتعاون مع الصين أو غيرها، القوى الغربية وعلى رأسها واشنطن ستحاول الضغط على طالبان من خلال تأخير الاعتر

بين كارتر وبايدن، هل يعيد التاريخ نفسه؟

في نوفمبر من عام 1976 انتخب الأمريكيون الديموقراطي جيمي كارتر رئيساً بعد فترة من أصعب وأحلك الفترات في تاريخ ما بعد الحرب العالمية الثانية في واشنطن، خلال السنوات التي سبقت وصوله للبيت الأبيض مرت الطبقة السياسية الأمريكية بأزمة غير مسبوقة نتيجة فضيحة واترجيت والتي نتج عنها استقالة الرئيس نيكسون وتولي جيرالد فورد نائبه الرئاسة والذي تولى السلطة بدوره خلال أزمة اقتصادية خانقة ولم يفلح في العودة منتخباً إلى البيت الأبيض ليكون الرئيس الوحيد الذي لم ينتخب لمنصب الرئاسة في التاريخ الأمريكي المعاصر، اختار الأمريكيون كارتر الذي كان يمثل صورة عكسية لنيكسون، وعد كارتر الأمريكيين بأنه لن يكذب عليهم أبداً، ودعا إلى إصلاح البيئة السياسية في واشنطن والتحول بالسياسة الخارجية الأمريكية نحو دعم حقوق الإنسان والسياسة الداخلية نحو تعزيز الرعاية الاجتماعية وكبح جماح وكالة الاستخبارات المركزية، باختصار مثل كارتر بديلاً أخلاقياً بعد فضائح نيكسون. بعد توليه الرئاسة حاول كارتر عبثاً إصلاح الاقتصاد والطبقة السياسية والتحول نحو سياسة أخلاقية في الداخل والخارج، تفاقمت الأزمات الاقتصادية خلال فترة حكمه ووصلت إلى

تطبيع طالبان

بعد أكثر من أسبوع من انهيار الحكومة الأفغانية وسيطرة طالبان على كابل لا يتبقى إلا ولاية بانشير منفردة خارج سيطرة الحركة، وعلى الرغم من إعلان نائب الرئيس السابق توليه السلطة دستورياً وتهديد نجل أحمد شاه مسعود بمواجهة عسكرية طويلة، إلا أن السيناريو الأقرب هو أن طالبان قادرة منفردة على بسط نفوذها وتشكيل سلطة جديدة تكون الكلمة الفيصل لها في تركيبتها وشخوصها، ومع نهاية المعركة داخلياً يبقى السؤال قائماً حول إمكانية تطبيع طالبان وتحويلها لقوة سياسية مقبولة في السياق الدولي، فهل الطريق ممهد أمام الحركة لتحقيق الاعتراف الدولي؟ منذ سقوط كابل أظهرت حركة طالبان درجة عالية من ضبط النفس، تستمر عملية الإجلاء من مطار كابل دون تدخل من الحركة، الاجتماعات مستمرة مع قيادات حكومية كانت تقود المعركة مع طالبان في وقت ما، والرسائل التطمينية حول حقوق الإنسان والمشاركة الشعبية والحكم التشاركي تستمر من قادة الحركة، الإدارة الأمريكية المتورطة في فشل خطة الإجلاء وسرعة انهيار القوات الحكومية تخرج كل يوم بتصريحات تتأرجح بين تهديد طالبان برد فعل في حال أرادت العودة بالبلاد لشكل الحكم الطالباني السابق وقبول ضمني بسلط

العودة إلى ٢٠٠١

في مشهد سريالي دخلت قوات طالبان العاصمة الأفغانية كابول دون أي مقاومة تذكر، وتحول المشهد خلال ساعات قليلة من تقييم بأن أفغانستان ستكون تحت سيطرتهم خلال 6 أشهر إلى الحديث عن مفاوضات حول سلطة انتقالية إلى مفاوضات لتسليم كابول إلى إعلان طالبان سيطرة كاملة على العاصمة وكل ذلك دون مواجهات حقيقية على الأرض، تماماً كما حدث عام 2001 حين قررت قيادة طالبان الانسحاب من كابول تاركة عشرين مقاتلاً في إحدى حدائق المدينة، تكرر المشهد ليلة البارحة لتعود عقارب الساعة عشرين عاماً إلى الوراء. تشابه المشهد بين 2001 و 2021 كبير، فكما كان الحال آنذاك سقطت مزار شريف أولاً وفتحت السجون ثم حوصرت كابول لتسقط دون مقاومة تذكر، في 10 نوفمبر 2001 سقطت مزار شريف بيد تحالف الشمال والتحالف الدولي بعد معارك ضارية وبعد فشل استعادة المدينة من قبل طالبان اتجهت القوات المدعومة بالقصف الأمريكي إلى كابول في 12 نوفمبر وسرعان ما غادرت قوات طالبان إثر ما وصف حينه بأنه قرار اتخذ لحقن دماء الأفغان، ولكنه كان كذلك فرصة لمقاتلي الحركة لضمان بقائها فالمعركة كانت انتحارية، المفارقة طبعاً هي الفرق المهول بين التحالف الدولي الذي أمن سقو

الأيديولوجيا السياسية بين الانحسار والبعث

مع انهيار الاتحاد السوفييتي كتب العديد من المفكرين وعلى رأسهم فوكوياما مبشرين بعصر جديد تكون فيه الغلبة للفكرة الليبرالية ببنائها المرتكز على الفرد، والانحسار الكامل للأفكار ذات الطبيعة العقدية أو ما يصطلح على تسميته بالأيديولوجيا، وخلال العقود التي تلت استمر تراجع هذه الأفكار مع انحسار الخطاب الشيوعي والديني والقومي لصالح خطاب معولم ليبرالي قادته ثورة الاتصالات، ولكن الأزمات الاقتصادية المتلاحقة منذ عام 2008 وما تخللها من تحولات سياسية أظهرت إلى السطح مرة أخرى صراع الأفكار بشكله العقدي. لا شك أن الصراعات السياسية بين مختلف التوجهات والأحزاب والرايات لم تتوقف في أي وقت عبر التاريخ ولكن ما حاول أن يشير إليه العديد من الباحثين الغربيين في فترة ما بعد الحرب بين خمسينيات وسبعينيات القرن الماضي هو الأفول التدريجي للأفكار التي قادت الصراعات البشرية خلال العقود التي سبقت تلك الفترة، سواءً كانت الصراعات الدينية بين الشرق والغرب أو بين فصائل المسيحية غربياً أو بين الفاشية والشيوعية والرأسمالية، أفول نجم الشيوعية وتراجع دور الدين في الحياة العامة شجع أصحاب هذا التوجه على الوصول إلى نتيجة مفادها

في انتظار الربيع

أكثر من عقد مرَّ على انطلاقة شرارة الربيع العربي، تلك الشرارة التي اشتعلت سريعاً لتطوف عديداً من العواصم العربية، راسمةً الهلع على وجوه استفادت طويلاً من نظام الاستبداد العربي، وزارعةً بذور الأمل في جيل صاعد لم يتسرب إليه اليأس بعد.  وبعد مرور عشر سنوات، تبدو الصورة قاتمة؛ كل عواصم الربيع، من القاهرة إلى طرابلس ومن صنعاء إلى دمشق، عادت إلى أحضان الاستبداد، حتى تونس التي كانت تمثل النموذج في ثورات الربيع العربي تنتكس فجأة، من جرّاء الأزمة السياسية هناك ويعطَّل فيها عمل البرلمان وتعود الاعتقالات السياسية، فيما يبدو أنه مسمار أخير يُدقُّ في نعش الربيع. على الرغم من أن تونس مرت بانتقال سلمي للسلطة أكثر من مرة وشهدت نوعاً من الاستقرار لم تشهده بقية عواصم الربيع العربي، فإن نظام ما بعد الثورة لم ينجح في تحقيق الطموحات العالية التي سطَّرتها ملاحم الثورة، مجتمع العدالة والمساواة والازدهار الذي حلمت به الشعوب صار سراباً وتلاشى تدريجياً مع إكراهات الأزمات السياسية والاقتصادية والمواجهات الحزبية وسيطرة رؤوس الأموال والتدخلات الخارجية على المشهد. الوضع كان على مشارف الهاوية وجاءت التطورات الأخيرة

الحرية على القياس الفرنسي

بطلب من وزير الداخلية الفرنسي أقيل إمام مسجد سانت شوماند في مقاطعة لوار إثر نشر عضوة المجلس البلدي هناك مقطعاً للإمام في خطبة عيد الأضحى ينقل فيها جزءاً من خطبة الوداع للنبي صلى الله عليه وسلم، الوزير الفرنسي اتهم الإمام بأنه يخطب بما يخالف قيم الجمهورية حول المرأة وطلب عدم تجديد إقامته وإغلاق المسجد في حال تكرر الأمر، الوزير في معرض حديثه كان يؤكد على ضرورة الاستفادة من قانون محاربة الانفصالية الجديد والذي أقرته الجمعية الوطنية الفرنسية قبل يوم واحد من قرار إقالة الإمام والذي يطلق يد الدولة في محاربة حرية التعبير وحق إقامة الشعائر الدينية متى وجددت ذلك يعزز "الانفصالية الإسلامية"، علماً بأن هذا الإمام كان الثاني الذي يقال بنفس الأسلوب خلال الفترة الأخيرة. معركة النظام العلماني الفرنسي مع الإسلام ليست جديدة، فرنسا شرعت منذ عهد شيراك وحتى اليوم في تطبيق العديد من الإجراءات للحد من المظاهر الإسلامية، كان من ضمنها منع النقاب والحجاب في المباني العامة ومأسسة الديانة الإسلامية والتضييق على حرية التعبير للمسلمين وحدهم، فبينما ترتكز السردية الرسمية حول حماية مبادئ الجمهورية ومنع الر

عقدان من الحرب على الإرهاب

في السادس عشر من سبتمبر لعام 2001 وفي خطاب له بعد أيام قليلة من استهداف برجي التجارة العالميين استخدم الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن مصطلح "الحرب على الإرهاب" واصفاً الرد الأمريكي المرتقب على الهجمات، تبع ذلك احتلال دولتين وعمليات عسكرية عبر العالم استهدفت كل من قررت الإدارة الأمريكية حينها أنه يقف خلف الأحداث أو يمثل نسخة أخرى للفاعلين، جاء احتلال أفغانستان مبرراً باحتضانها للقاعدة، واحتلال العراق لدعمها المفترض لشبكة القاعدة وحيازتها أسلحة الدمار الخيالية، والعقوبات على السودان لرعايتها السابقة لقيادات القاعدة وهكذا، لم تترك هذه الحملة ركناً على وجه البسيطة إلا وانتشرت فيه القوات الأمريكية تبحث عن هدف، ولكن بعد قرابة العقدين من هذه الحرب، هل نجحت في تحقيق أهدافها؟. الهدف الأساسي كان النيل من مدبري أحداث سبتمبر، وحددت الإدارة الأمريكية قائمة جاء على رأسها أسامة بن لادن زعيم القاعدة وخالد شيخ محمد ورمزي بن الشيبة وغيرهم باعتبارهم قيادات التنظيم، في نهاية المطاف تمكنت الولايات المتحدة من اغتيال بن لادن واعتقال خالد شيخ محمد وآخرين، بينما اختفى البعض الآخر أو استمر حتى و

الصين وكورونا والمناخ.. ثلاثية بايدن

لكل إدارة أمريكية أولويات تتركز حولها سياستها الخارجية، ومع إدارة بايدن يسيطر هاجس استعادة حالة طبيعية لوجود الولايات المتحدة في المجتمع الدولي على اتخاذ القرار وتحديد الأولويات في الملفات الخارجية، وبناءً على ذلك ومنذ يومها الأول وضع بايدن وفريقه ثلاث أولويات رئيسية، مواجهة تمدد الصين وخاصة في مجال التكنولوجيا، ومكافحة فيروس كورونا المستجد ومتحوراته وتبعاته، والملف التقليدي للإدارات الديمقراطية وهو مكافحة تغير المناخ. بالنسبة للصين تواصل إدارة بايدن المسار المتشدد للإدارة السابقة، ولكن التركيز هذه المرة ينصب على حشد المجتمع الدولي وخاصة القوى الغربية ضد الصين، كما رأينا في قمة الناتو الأخيرة، حيث ضغطت واشنطن على حلفائها لإدراج عبارة صارمة هي الأولى من نوعها في بيانات الحلف، كما تسعى الإدارة إلى إعادة الاستقرار إلى تحالفاتها مع كل من اليابان وكوريا الجنوبية والهند لمواجهة تمدد الصين في نطاقها الاستراتيجي، بالإضافة إلى محاولة كبح جماح التمدد التكنولوجي وخاصة في مجال الاتصالات وتحديداً تكنولوجيا ال5G. هذه المحاولات الأمريكية ستستمر ولكن هناك ترددا في السير خلف واشنطن لدى حلفائها الذين لا

أفغانستان بداية جديدة أم استمرار للصراع؟

في أول تصريحات له منذ تركه للمنصب في نهاية 2020، تحدث أليكس يونغر الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات البريطانية عن تخوفاته حيال الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، قال يونغر الذي لم يسبق له الحديث لوسائل الإعلام خلال سنوات عمله في الوكالة البريطانية المعروفة اختصاراً بMI6، إنه يعتقد أن الانسحاب بهذا الشكل سيفتح المجال مرة أخرى لنمو الحركات الجهادية هناك كما كان الوضع قبل الاحتلال الأمريكي، تصريحات يونغر تأتي متزامنةً مع استكمال الانسحاب الأمريكي من قاعدة باغرام العسكرية مركز إدارة الصراع في أفغانستان من ناحية ونجاح طالبان في فرض سيطرتها على 13 إقليماً جديداً في البلاد، وليست هذه التصريحات الأولى من نوعها بل تنضم إلى سلسلة من التصريحات والتقارير التي تناولت القلق من استغلال تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية الانسحاب في إعادة التمركز هناك خاصة مع تراجع وجود هذه التنظيمات في العراق وسوريا بعد استهدافها من قبل التحالف الدولي. مع استمرار انسحاب القوات الدولية والتمدد الميداني لحركة طالبان، تتضاءل فرص الوصول لاتفاق بين الحكومة الأفغانية والحركة حول شكل الدولة بعد إنهاء الاحتلال، المفاوضات التي توقف

من الشيخ جراح إلى سلوان.. قصة الصمود العمراني

تخيل أن تسكن في بيت والدك الذي ورثه عن جدك الذي ورثه بدوره عن أبيه وهكذا دواليك، ليس هذا البيت قصراً منيفاً يطمع فيه الساكن ولا استثماراً يعود عليك بثروة عظيمة، وفوق هذا تجد نفسك تقاوم اعتداءات جيرانك الطامحين لطردك، وحكومة تلزمك بدفع ضريبة مجحفة لا يدفعها جارك أو تهدد بهدم بيتك بحجج واهية، وحتى تصل لبيتك عائداً من مكان عملك تمر على نقاط تفتيش مهينة وربما استشهد أحد أفراد عائلتك أو أصيب عندها برصاصة لا مبرر لها، لا يصبرك على ذلك إلا إيمان بحقك في الأرض وعقيدة راسخة بمهمة مقدسة للحفاظ عليها، وتخيل بعد كل ذلك أن يأتيك من ينام مطمئناً في بيته ليقول "باع أرضه". الوصف أعلاه نزر يسير من المعاناة اليومية التي يعيشها العديد من أهلنا الصامدين في المدن التي ترزح تحت نير الاحتلال الصهيوني، فسياسة الاحتلال تهدف لإفراغ الأحياء القديمة في القدس وغيرها من ساكنيها من الفلسطينيين واستبدالهم بالمستوطنين، وفي القدس تحديداً وقبل قرابة العشرين عاماً أطلق مشروع أورشليم أولاً لتهويد المدينة من خلال تدمير الأحياء العربية وإخراج أهلها منها وطمس الآثار غير الصهيونية فيها مثل المقابر والمساجد وتحويلها

إيران بعد رئيسي

لم يمثل فوز إبراهيم رئيسي رئيس السلطة القضائية في انتخابات الرئاسة الإيرانية مفاجأة على أي صعيد، الرجل المقرب من المرشد كان ينظر له باعتباره المرشح الأوفر حظاً منذ أعلن ترشحه، خاصة وأن المزاج العام في مؤسسة الحكم الإيرانية كان يبشر برئيس محافظ، مقرب من دوائر صناعة القرار الحقيقية، يخوض غمار المفاوضات مع الولايات المتحدة، كما أن رئيسي جاء ثانياً في انتخابات 2017 وكانت تدور التكهنات حول اسمه كمرشح لخلافة خامنئي المرشد الحالي إبان تزايد الأنباء حول اعتلال صحته، رئيسي الذي سبق له أن عمل مدعياً عاماً كان خلال السنوات الأخيرة أحد أعمدة النظام في مواجهة التحديات الداخلية من خلال دوره في إدارة دفة السلطة القضائية المتهمة من خصوم إيران بأنها أداة شرعنة الاعتقالات التعسفية وإعدامات المعارضين، وعضويته في مجلس خبراء القيادة أحد أهم أركان مؤسسة الحكم. على مستوى برنامجه السياسي فإن رئيسي لا يقدم جديداً سوى تركيزه على فكرة "اقتصاد المقاومة" والتي يطمح من خلالها لتعزيز دعم القطاع الزراعي على حساب التجاري، باعتبار الأول أساسياً في مواجهة الصمود أمام العقوبات والثاني سينتهي به الأمر دعماً لعلا

هل رحل نتنياهو؟

بعد 12 عاماً في كرسي رئاسة وزراء الكيان الصهيوني، يغادر بنيامين نتنياهو منصبه للمرة الثانية متوعداً بعودة سريعة وبالاستمرار في إثارة القلاقل في المجتمع السياسي الإسرائيلي من قيادة المعارضة اليمينية المتطرفة، متسلحاً بخطاب استعاره على ما يبدو من الرئيس الأمريكي السابق ترامب، خاطب نتنياهو الكنيست مندداً بالائتلاف الجديد، ومنذراً من فشل مرتقب في مواجهة إيران وواشنطن، يغادر نتنياهو محملاً بجرائمه المتنوعة من مجازره المروعة وسياساته العنصرية وحتى جرائم الفساد التي يحاكم عليها حالياً، ولكن هل هو الرحيل الأخير لهذه الشخصية النرجسية العدوانية؟. منذ يومه الأول عرف عن نتنياهو في الوسط السياسي الإسرائيلي انتهازيته وتحالفاته الهشة وقدرته على التضحية بأقرب المقربين، نجح خلال العقدين الماضيين في إعادة تعريف المحور السياسي الإسرائيلي عبر دفعه باتجاه اليمين، وإدخال عدد كبير من أحزاب اليمين المتطرف إلى وسط المحور السياسي، حتى بات الصراع بين اليمين واليمين، ولم يغادر المنصب حتى بات المشهد السياسي في تل أبيب متشظياً إلى درجة لا يكاد يعرف فيها شكل المستقبل السياسي هناك. على مستوى علاقات الكيان المحتل الدو

قطر بعد 4 سنوات.. الحفاظ على المكتسبات

أربع سنوات مضت على أحد أهم المنعطفات التي مرت بها بلادنا في تاريخها، هذا المنعطف الذي أعاد تشكيل الوعي الشعبي والرسمي كانت له انعكاسات على كافة مناحي الحياة، فمن تطوير الصناعات الأساسية كالألبان والأغذية مرورا باللحمة الوطنية وتنمية حس المواطنة وانتهاء بإعادة تمركز السياسة الخارجية القطرية لا يكاد يخلو جانب في هذه الدولة من تأثير مباشر للأزمة، معظم هذه التأثيرات كانت إيجابية في إطار تحقيق طموحات الوطن المستقل ذي السيادة، وبعد أن بدأت الصفحة تطوى تدريجياً باتجاه انتهاء الأزمة تبقى آلامها وإنجازاتها حاضرة في الأذهان مع تساؤل مهم، هل ستكون المكتسبات التي تحققت خلالها دائمة أم مرتبطة بظروف الأزمة وحسب؟ لا يجب أن نكون مبالغين في التفاؤل بأن كل ما تحقق خلال هذه الأزمة سيستمر بعدها في حالة تصاعدية فهذه ليست طبيعة التحولات الاجتماعية والسياسية عبر التاريخ، لا شك أننا سنمر بتحديات جديدة وأن غياب المؤثر الخارجي قد يؤدي إلى تراجع بعض الأجواء الإيجابية التي تشكلت بسبب وجود المهدد الخارجي، كما أننا يجب أن ندرك أن الأزمة وإن طويت صفحتها إلا أنها لا تعني أن الأمن الوطني القطري لم يعد أولوية حاسمة، ال

هل نشهد عودة للعواصم العربية الكبرى؟

 خلال العقدين الماضيين تفككت البنية الهشة أساساً للنظام السياسي العربي بشكل كبير، فمنذ احتلال العراق ومروراً بثورات الربيع العربي، وأخيراً الموجة الثانية منه، فقدت معظم العواصم العربية الكبرى توازنها، بغداد لم تتمكن حتى اليوم من استعادة سيادتها الداخلية والخارجية بالكامل، دمشق ما زالت تعيش وهم السلطة بعد أن أحرق نظامها البلاد وسلمها للقوى الأجنبية، وقس على ذلك الوضع السياسي في مصر والسودان وليبيا والجزائر، من حيث الجغرافيا السياسية، تمثل هذه الدول الكتل الكبرى العربية، ومعظمها إذا لم تكن جميعها فقدت مكانتها في قيادة القرار العربي. لا يعني الكلام أعلاه أننا قبل عام 2003 كنا نشهد نظاماً عربياً مستقراً وقادراً على اتخاذ قراره بشكل مستقل، على العكس، العديد من الأزمات التي سبقت هذا التاريخ مثل غزو الكويت أثبتت أنه لا توجد منظومة عربية يعول عليها، ولكن الدول المحورية كانت لها أدوار تقليدية مهمة سواء فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أو في إطار الخلافات العربية العربية، أو في التعامل مع الخصوم التقليديين في المنطقة أو الحلفاء الإستراتيجيين خارجها، وعلى الرغم من أن هذا التبعثر العربي مستمر، إلا أ

فلسطين..المعركة والصراع

عمت الأجواء الاحتفالية الأراضي الفلسطينية والعديد من الدول العربية والإسلامية بعد إعلان الحكومة الإسرائيلية وقف عدوانها على غزة إثر تزايد الضغط الداخلي والدولي عليها والإخفاق في توفير مخرج مشرف بعد فشل اقتحام الأقصى والعملية العسكرية في غزة، وما إن هدأت أصوات الاحتفالات حتى عادت سلطات الكيان إلى استهداف المقدسيين والتنكيل بفلسطينيي الداخل في إشارة واضحة إلى استمرار سياسة التصعيد، ومع هذا التصعيد واستمرار المعاناة يأتي السؤال، بماذا احتفل الناس إذن؟ ما تحقق في المواجهة الأخيرة مع العدو الصهيوني هو في النهاية نتيجة معركة واحدة في صراع طويل، هذه حقيقة ينبغي أن تكون حاضرة في أذهاننا جميعاً ونحن نقيم التحولات في ملفات القضية عاماً بعد عام، الانتصارات التاريخية لا تتحقق فجأة، بل تكون حصاداً لسنوات وعقود من العمل نحو تفكيك الضعف ومسبباته وبناء القوة وتعزيزها، المهم هو اتجاه المواجهة، التفاؤل اليوم ليس بأن تكون هذه المعركة هي نهاية الصراع بل بداية النصر، التحول بالمواجهة نحو ارتفاع كفة أصحاب الحق وتوقف الانحدار نحو الهزيمة. حين كنا صغاراً شاهدنا كيف خرج أطفال الحجارة بصدور عارية متلثمين بكوفيا

حصاد الخسائر الإسرائيلية

خلال الأيام الماضية ارتفع عدد الشهداء في الجانب الفلسطيني بشكل ملحوظ، فكما هو متوقع سارع الكيان إلى إظهار وحشيته باستهداف المدنيين من الأطفال والنساء والإعلاميين دون أي اعتبار لاتفاقيات أو عهود دولية أو مراعاة لأبسط مبادئ حقوق الإنسان، وسارع العديد من المرجفين إلى سردية الصواريخ العبثية، معتبرين أن كل ما قام به الشعب الفلسطيني الثائر على الظلم المدافع عن حقه هو عبث، لأنه لم يحقق شيئاً سوى زيادة تعداد الضحايا، ولذلك نسأل ونحاول الإجابة، ماذا خسر الكيان الصهيوني خلال التطورات الأخيرة؟. الهدف الأساسي من الاستفزاز الإسرائيلي في القدس خلال العشر الأواخر من رمضان كان رغبة نتنياهو في تعزيز شعبيته لدى اليمين المتطرف الإسرائيلي من خلال تهيئة الظروف لاحتفالات المتشددين الصهاينة بعيد الوحدة داخل الأقصى، يذكر ذلك بسلوك أرييل شارون الذي اقتحم الأقصى بهدف تعزيز مواقفه السياسية، وكانت الاستجابة الفلسطينية هي انتفاضة الأقصى التي هزت أركان الكيان. الفشل الكامل الذي مني به نتنياهو وحكومته في تحقيق ذلك أدى إلى أمرين، الأول هو سخط متجدد لدى خصوم نتنياهو في اليمين وإضعاف الموقف العام السياسي في تل أبيب، حي

هي القدس

التقيت خلال دراستي الجامعية بأحد المبتعثين الفلسطينيين من عرب الداخل، وبعد فترة من التعارف أسر لي أنه فوجئ باهتمامنا بالشأن الفلسطيني وتوددنا تجاهه، كان يظن حسب تعبيره أن الخليجيين المترفين بعيدون كل البعد عن قضيتهم، كان يقول مازحاً سأجمع الناس عندما أعود لأخبرهم عنكم، كان هذا في بدايات عام 2003، لاشك أن تطور وسائل التواصل الاجتماعي وثورة الاتصال بمختلف تجلياتها قربت المسافات حتى صار الفلسطيني يرى ويسمع تفاعل العالم الإسلامي كله معه بشكل يومي، وأحداث القدس الأخيرة أثبتت أنه على الرغم من سرعة قطار التطبيع والصدمات المتتالية تبقى القدس هي البوصلة، وهي الدافع الذي يحرك كل ساكن في مجتمعاتنا.نفس الزميل الفلسطيني أخبرني مرة أن سلطات الاحتلال وفي محاولة منها لتقليل أعداد المصلين في الأقصى بدأت التضييق على المصلين القادمين من الضفة والأراضي الفلسطينية، كان التعويل هو على قلة المصلين القادمين من الداخل بعد عقود من محاولات تدجينهم وإبعادهم عن دينهم وقضيتهم، ولكن شاء الله أن تنطلق الصحوة في الداخل بشكل متزامن مع هذا التضييق وبدأت بعدها الحملات للصلاة في الأقصى ليعوض أهل الداخل النقص الناجم عن الت

بايدن...الثابت والمتحول

عدد من مقالات الرأي والتقارير الصادرة عن شخصيات ومراكز أبحاث ذات توجه ليبرالي في الولايات المتحدة وجهت انتقادات لإدارة بايدن، وصفوه بالتأخر في تطبيق أجندة ليبرالية في السياسة الخارجية، اليسار الأمريكي كان يرغب في رؤية التفاتة كاملة للوراء بعيداً عن سياسات سلفه الفوضوية، واتجاهاً نحو سياسة خارجية تتخذ من قضايا حقوق الإنسان والبيئة والديمقراطية أولويات رئيسية، ولكن، وكما هو متوقع في عالم السياسة، أخذ فريق السياسة الخارجية الأمريكي اتجاهاً أكثر تقليدية في تعامله مع التحديات التي خلفتها الإدارة السابقة. على الرغم من تصريحات هنا وهناك داعمة لحقوق الإنسان، إلا أن الإدارة لم تغير جذرياً أي مواقف سابقة، ولم تتخذ حتى مواقف حاسمة من تطورات حديثة في الساحة، مثل الانقلاب العسكري في ميانمار، أما الموقف من قضايا المنطقة وعلى رأسها القضية الفلسطينية فراوح مكانه بدون حتى استعادة الموقف التقليدي من الصراع، على الرغم من العلاقة المضطربة بين بايدن ونتنياهو، وتدريجياً عاد دفء العلاقات مع الدول التي كان يتوقع أن تعاقب على تدخلها في الشأن الأمريكي أو اتخاذها مواقف معادية، بشكل عام لا يبدو أن هناك تحولاً حقي

رمضان في زمن الأوبئة

يبدو شهر رمضان وللعام الثاني على التوالي خاوياً مع غياب صلاة التراويح والعديد من المظاهر الأخرى التي ترسم أجواء الشهر الفضيل، تلك الروح التي كانت تسري في هذه الأيام تأتي خافتة مع غياب مظاهر العبادة والتواصل الاجتماعي، لا شك أن بركة الشهر مدركة ومحسوسة في تفاصيل حياتنا ولكن الجو العام يفتقر إلى ما يمثله رمضان من تغيير شامل في حياتنا، للعام الثاني ينجح فيروس كورونا المستجد في العبث بأجوائنا الرمضانية. هذا الشكل لشهر رمضان بالنسبة لبعض أطفالنا الذين يبصرون الحياة تدريجياً خلال هذه الأعوام قد يكون هو التجربة الوحيدة التي يذكرونها حتى اللحظة، وأحاديثنا عن الاجتماع للصلاة والفطور والغبقات والسهرات سيبقى خيالاً حتى تزول هذه الغمة ويعود لنا الشهر كما كان، مع تفاؤلنا بأن يرفع الله البلاء قريباً لاندري إن كان رمضان القادم سيشهد عودة إلى الحياة كما عهدناها أم يكون تكراراً لما نعيشه هذه الأيام. خلال الأسبوع الأول من رمضان تملكني إحساس بالخواء، ربما هي حالة الإحباط من تكرار مشهد العام الماضي وربما هو الفراغ الحقيقي الناتح عن الإجراءات من حولنا، ولكن هذ الخواء ألقى بظلاله على كامل تجربة رمضان بالنسب

مرة أخرى.. نتنياهو الفائز الخاسر

بعد رابع انتخابات خلال عامين، أعلنت السلطات في تل أبيب أرقام المشاركة التي شكلت تراجعاً كبيراً عن الأرقام الكبيرة المعتادة، حيث لم تتعد نسبة المشاركة هذه المرة 67%، وهو رقم منخفض مقارنة بالانتخابات السابقة، خاصة إذا ما أخذنا بالحسبان حالة حدة الاستقطاب السياسي، ومع إعلان النتائج اتضح أن حلم تحالف الأحزاب المعارضة في إسقاط نتنياهو لن يتحقق، حيث حصل حزب الليكود الذي يحتل نتنياهو دوراً قيادياً فيه منذ أكثر من ثلاثة عقود، 30 مقعداً من أصل مقاعد الكنيست المائة والعشرين، بينما حصلت أحزاب اليمين المتطرف المؤيدة لتحالف حكومي يرأسه رئيس الوزراء الحالي مثل "شاس" وحزب "اليهودية التوراتية" و"الصهيونية الدينية" على 22 مقعداً، علماً بأن هناك 6 مقاعد هندسها نتنياهو من خلال عمله على دفع ثلاثة أحزاب متطرفة للاندماج، حتى تتمكن من الحصول على نسبة من الأصوات تمكنها من دخول قبة الكنيست، بالتالي أصبح عدد الأعضاء المرتقبين الذين سيصوتون مع الحكومة الجديدة 58 مقعداً، مما يجعله بحاجة لشريك آخر حتى يشكل الحكومة. التحالف المضاد استطاع من ناحيته الحصول على 52 مقعداً فقط، لا يجمع هذه

حرب اللقاحات بين الحقائق العلمية والمصالح السياسية

في مقال مطول حول الموضوع، نقلت صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية تصريحاً لرئيس وكالة الأدوية الإيطالية يتناول تجميد استخدام لقاح أسترازينيكا المطور في أوكسفورد في عدد من الدول الأوروبية، نيكولا ماغريني قال في لقاء صحفي: "ليس هناك خطر، وعلى المستوى العلمي ليس هناك ارتباط، القرار كان سياسياً"، ماغريني والذي يمثل أعلى سلطة ترخيص للأدوية في إيطاليا لم يكن منفرداً في رأيه، فأكثر من مسؤول أوروبي في القطاع الصحي اعترض على قرار التجميد باعتباره غير مدعوم علمياً، وأن ما تم إثارته حول الحالات التي تعرضت لتجلطات دموية مختلفة لا يرقى للشك في مأمونية اللقاح حتى الآن، ولكن وعلى الرغم من ذلك اتخذ القرار السياسي بتجميد استخدام اللقاح الذي أدى إلى تأخير عمليات التطعيم، وبالتالي تأخير تحقيق المناعة المجتمعية المرجوة، ما لبثت الجهة المعنية في الاتحاد الأوروبي أن أصدرت قرارها الداعم للقاح، وتدريجياً عادت جميع الدول الأوروبية إلى استخدامه مرة أخرى، ولكن ونظراً للضجة التي أثيرت خلال فترة التجميد تأثرت عمليات التطعيم برفض أعداد كبيرة من المواطنين الأوروبيين تلقي لقاح أسترازينيكا، هذا التردد حدا برئيس

أين تتجه أدوار الوساطة القطرية في المنطقة ؟

خلال الأسبوع المنصرم جرت العديد من الاتصالات الدبلوماسية، سواء عبر زيارات للدوحة أو لقاءات ثنائية خارجها أو اتصالات مع مسؤولين انطلقت معها تكهنات حول أدوار وساطة قطرية حالية ومرتقبة، على رأس هذه الاتصالات كانت زيارة زلماي خليل زاده المبعوث الأمريكي إلى أفغانستان وتيموثي ليندركنج المبعوث الأمريكي إلى اليمن، والاتصال الذي جرى بين سعادة وزير الخارجية القطري وروبرت مالي المبعوث الأمريكي الخاص بإيران، الملفات الثلاثة تشكل تحديات كبرى بالنسبة لأجندة بايدن الخارجية وهذا التواصل المكثف مع الدوحة حولها يطرح تساؤلات مهمة حول المنظور الأمريكي للدور القطري فيها. فيما يتعلق بالملف الأفغاني يستمر خليل زاده في دوره الذي بدأه خلال عهد ترمب، ولكن ضمن إطار جديد، خلال حملته الانتخابية كان موقف بايدن من الاتفاق مع طالبان أنه كان متسرعاً وأنه يجب تبديد مخاوف الحكومة الأفغانية والحلفاء في المنطقة، وعلى الرغم من هذا الموقف فإن الإدارة معنية بالمحافظة على مكتسبات الاتفاق، لذلك بينت الخارجية الأمريكية أن هناك رغبة أمريكية لمراجعة الاتفاق وتعديله بما يضمن توافقاً أكثر مع رؤية بايدن وإدارته، هذه التصريحات لاقت ر

«كلوب هاوس» مساحة جديدة وجدل متجدد

  خلال الأسابيع القليلة الماضية غزا ضيف جديد هواتفنا الذكية، ليحتل الصدارة سريعاً كآخر صيحات التواصل الاجتماعي والتعبير الحر، على الرغم من محدودية انتشاره، نظراً لتوفره على نظام تشغيل IOS الخاص بهواتف الآيفون فقط، واقتصار التسجيل على الدعوات من أعضاء سابقين، إلا أن تطبيق المشاركات الصوتية «كلوب هاوس» اجتاح العالم من خلال توفير شكل جديد للحوار على وسائل التواصل الاجتماعي، واستثمار حالة الحجر المرتبطة بجائحة كورونا. في أبريل من عام 2020 ومع بداية موجة الإغلاقات المرتبطة بانتشار فيروس كورونا دولياً أطلق هذا التطبيق بشكل تجريبي، ولكنه سرعان ما اكتسب شهرة خاصة في مجتمع سيليكون فالي في الولايات المتحدة، لما مثله من مساحة هادئة لنخبة التكنولوجيا يخوضون فيها حواراتهم بعيداً عن أعين ملايين المتابعين على المنصات التقليدية. التطبيق كذلك يأتي في إطار حديث التقارير التقنية عن صعود في شعبية التطبيقات والمنتجات الصوتية خلال السنوات الأخيرة، لوحظت مثلاً زيادة كبيرة ومطردة في متابعة برامج البودكاست في مختلف دول العالم، الانطلاق الحقيقي للتطبيق ارتبط بأمرين رئيسيين، الأول هو قرار عدد من الشركات الاستثما

بايدن وإيران: البحث عن طريق العودة

بعد مضي ما يزيد على الشهر منذ دخول بايدن إلى البيت الأبيض التساؤلات والتكهنات آخذة في التزايد حول نية الإدارة الأمريكية تجاه إعادة التفاوض مع إيران حول برنامجها النووي، خلال حملته الانتخابية أكد بايدن أن الولايات المتحدة عائدة إلى الاتفاق ولكن "بشروط أفضل"، واستجابة لهذا الموقف أخذت طهران في رفع السقف التفاوضي دافعة باتجاه العودة إلى الاتفاق كما هو، ولكن حتى اللحظة ما زالت الصورة ضبابية حول مستقبل الاتفاق. بايدن من ناحيته قام بعدة أمور بهدف تجهيز الساحة أمام التفاوض مع إيران، مثل رفع الحوثيين من قائمة الإرهاب، التباحث مع مسؤولي إدارته حول طريقة لتخفيف أثر العقوبات دون رفعها، إعلان قبول دعوة الأوروبيين لاجتماعات في إطار مجموعة 5+1 وإبلاغ مجلس الأمن إلغاء قرار إعادة فرض العقوبات الأممية أحادياً على طهران، هذه الإجراءات لا يبدو أنها أدت إلى ارتياح إيراني، فمن ناحيتها وخلال الشهر الأخير أعلنت طهران رفع مستوى تخصيب اليورانيوم إلى 20%، وأوقفت زيارات التفتيش المفاجئة من قبل وكالة الطاقة الذرية، وصرحت بكل وضوح بأنها لا تعتقد أن ما قامت به إدارة بايدن حتى الآن يمثل تراجعاً عن سياسة ال

فكرة السير نحو الأقصى

قبل اثني عشر عاماً وفي مستهل مشواري مع الكتابة الصحفية نشرت مقالاً حول الحراك الشعبي والعمل الجماهيري وأدواته، في ذلك المقال ارتكبت الخطيئة التي أحاول تجنبها ما أمكن وهي توجيه النقد لسلوكنا عبر بوابة المقارنة مع سلوك غربي، كان السياق مرتبطاً بفعالية شهدتها خلال دراستي الجامعية وقفت فيها على الفرق الشاسع بين مجموعة عربية إسلامية وأخرى غربية في التعريف بالقضية الفلسطينية، الأولى أخذت شكل مهرجان خطابي ولوحات مرفوعة وعشرات من المشاركين الذين يرددون الهتافات، والثانية والتي أقيمت على أطراف الأولى ضمت ثلاثة أشخاص يقفون عند إشارة مرور كلما أحمرت يضعون حاجزاً خشبياً أمام السيارات المتوقفة ويعلنون لسائقيها أنهم يقفون أمام حاجز إسرائيلي يمنع الطفل من مدرسته والعامل من مصنعه وينتهك عنده كل حق إنساني، استثارني حينها المشهد لأن أثر هذا المشهد القصير كان أوقع على المارة والجمهور العام من أي مهرجان خطابي، بل ربما كان لذلك المهرجان أثر سلبي في السياق الغربي الذي أقيم فيه، ولذلك كان عنوان ذلك المقال "كيف نفكر، وكيف يفكرون". مع التطور السريع في طبيعة الاتصال البشري زادت التحديات أمام النشطاء و