المشاركات

عرض المشاركات من 2012

من يقف على ناصية الشارع؟

في نقاش مع أحد الإخوة حول الرموز الاجتماعية والسياسية والدينية لفت نظري إلى أن بعض القيادات التي كنا نعتبرها قيادات شبابية أصبحت اليوم شيئاً من الماضي، فأولئك التنويريون الذين أضاؤوا المرحلة السابقة أفل نجمهم اليوم لصالح جيل بدأت تتكشف سماته في مرحلة ما بعد الربيع العربي. لم يعد الرموز الذين كانوا يوماً مناضلين على طريق الحرية مناسبين لهذه المرحلة، خاصة أن معظمهم تم تدجينه ليصبح مهادناً للسلطة والغرب والحياة المدنية الحديثة، ولم يعد ذلك اللسان الثائر على الواقع، والساعي نحو المثالية يتحرك واستبدل بألسنة لطيفة على الأنظمة متعايشة مع الواقع متقبلة له، اليوم تبرز على الساحة قيادات قديمة متجددة كان يغض الطرف عنها باعتبارها أكثر تطرفاً في المطالبة بالحقوق وغير متعقلة، ولكن في ظروف الربيع العربي أصبح ما كان يعتبر سابقاً تعقلاً تخاذلاً ونكوصاً عن الحق. أتورع عن ذكر أمثلة للشخصيات التي أعنيها تجنباً للجدال حول ماهية هذا الشخص أو ذلك والدخول في متاهة التصنيف الفكري والطائفي، ولكن سأتناول هنا السمات الرئيسية التي يتسم بها قادة المرحلة القادمة أولئك الذين يعبرون جسر الربيع العربي إلى بستان

الشرعية والتشريع والشارع والشريعة

يعيش العالم العربي هذه الأيام حالة من الاستقطاب الشديد، حيث ينقسم مواطنو العديد من الدول العربية إلى معسكرات في مواجهة مباشرة على ساحة المشاركة الشعبية، المشاركة والمقاطعة في الكويت، مؤيدي ومعارضي الإعلان الدستوري في مصر، المتظاهرون والمؤسسة الملكية في الأردن، والعديد غيرهم يمثلون انقساما تاريخيا شكله الربيع العربي بين أولئك الذين يريدون عالما عربيا جديدا وأولئك الذين يتشبثون بالقديم ويعضون عليه بالنواجذ. يدور الصراع بين هذه الأطراف حول شرعية نظام الحكم وتمثيله لرغبة الشارع وحق هذا الأخير في التشريع وتطبيق الشريعة. تشابهت هذه الكلمات شكلا ومصدرا لكن لكل منها أهمية خاصة في صياغة مستقبل عالمنا العربي. الشرعية تستخدم من قبل مختلف الأطراف للدلالة على الأحقية في الحكم، فالحاكم يعتبر معارضيه خارجين على الشرعية، والمعارضة تعتبر الحاكم فاقدا للشرعية، والحقيقة هي أنه لا يوجد تعريف محدد لما تعنيه هذه الشرعية، ولكن الذي يفهم من السياق هو أن أي نظام حكم يضمن توافق غالبية شعبية عليه يكتسب تلقائيا الشرعية ولا يعني ذلك بالضرورة أن يكون الحاكم في هذا النظام ذا شعبية عالية، فقد يتفق غالبية الشعب في

لعبة الأرقام

خلال استماعي إلى القناة الإذاعية الرابعة التابعة لشبكة البي بي سي صادفت تقريراً قصيراً حول الحرب في غزة، وكان التقرير يتحدث عن تصريح لأحد المسؤولين الصهاينة عن عدد الجرحى في أحد أيام الحرب الأخيرة، حيث قال هذا المسؤول: «وإن كان الأمر لا يصدق فإن عدد جرحى اليوم -يقصد من بني جنسه- هو مئة وعشرة» وعلق المذيع على هذا التصريح، مبيناً أن هناك لعبة في الأرقام هنا، نعم فالجهات المعنية أعلنت هذا العدد، ولكن تفصيله هو أن ثلاثة أشخاص عانوا من إصابات ناتجة عن شظايا للصواريخ الفلسطينية، وثمانية وعشرون غيرهم أصيبوا في أثناء محاولتهم الوصول لأماكن آمنة -أي خلال هربهم- والبقية تم علاجهم من «الصدمة» أي أن التعداد الفعلي للمصابين جراء سقوط صواريخ فلسطينية زهو ثلاثة فقط لا غير. في نهاية التقرير أشار المذيع إلى أن هناك معركة رديفة للمعركة العسكرية على الأرض وهي معركة الأرقام، فالاستخدام الذكي للرقم الكامل للمصابين من قبل المسؤول الإسرائيلي أظهر عدد المصابين من الجانب الإسرائيلي وكأن إسرائيل تتعرض للقصف بالطائرات لا بصواريخ محلية الصنع ترد عليها بلا هوادة وباستخدام صواريخ معبأة بأطنان من مختلف المواد ال

من هي غزة؟

عبر التاريخ كانت غزة عصية على الغزاة، سكانها كانوا دوماً مقاومين عتاة، واستعصت هذه البلاد طويلاً على العديد من الطامعين. منذ أسسها الكنعانيون في القرن الخامس عشر تأرجحت بين محتلين من المشرق والمغرب، فمن الفراعنة إلى البيزنطيين، ومن المماليك إلى العثمانيين، وأخيراً من البريطانيين إلى الإسرائيليين، لم يتبق تقريباً حضارة إلا ووجد لها في غزة موضع قدم على الرغم من صغير هذه المدينة وقلة مواردها، السبب الرئيسي لهذا الاهتمام هو موقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يربط إفريقيا بآسيا ويقع وسط خطوط التجارة القديمة. منذ دخلها المسلمون في بدايات فتح الشام احتلت غزة من قبل الصليبيين خلال الحملات الصليبية، ثم استرجعها منهم صلاح الدين الأيوبي خلال فتحه لفلسطين، ثم غزاها المغول ودمروها لتكون أبعد نقطة وصل إليها المغول قبل هزيمتهم في عين جالوت، عمرها بعد دمارها المماليك، ثم عاد المغول ودمروها ثانية بعد سبعة عشر عاماً من غزوهم الأول إثر المد الثاني لهم. ومن اللافت أنه بعد انسحاب المغول وعودة المدينة للمماليك سمحوا لليهود بالعودة إليها واستيطانها إلى جوار سكانها الأصليين من المسلمين. ويذكر أن الجال

ماذا يعني لنا فوز أوباما؟

انتخابات الرئاسة الأمريكية تكاد تكون الوحيدة عالمياً التي يتابعها سكان الأرض من أدناها لأقصاها، كان بإمكان المشاهد في ليلة الانتخابات الأمريكية أن يتابع نتائجها على السي إن إن أو البي بي سي أو الجزيرة والعربية أو الفرنسية أو غيرها فكل قنوات الأخبار تقريباً كانت تغطي الانتخابات خطوة وبخطوة وكأن الانتخابات هي لرئيس الكرة الأرضية لا رئيس الولايات المتحدة الأمريكية فقط! هذا الاهتمام ولا شك مبرر، فمنذ تسعينيات القرن الماضي تربعت الولايات المتحدة على عرش العالم منفردة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي تاركاً للأمريكان الساحة عالمياً في إطار ما سمي آن ذاك بالنظام العالمي الجديد. يتكرر حوار كلما أزفت الانتخابات الأمريكية حول ما يعنيه ذلك بالنسبة لنا كعرب ومسلمين؟ البعض يحلو له أن يصور العالم العربي كمسرح دمى تحركها السياسة الأمريكية والتي تحركها السياسة الإسرائيلية مما يعني أن نتيجة هذه الانتخابات غير مهمة لأنها ستأتي برئيس صديق لإسرائيل في كل حال، البعض الآخر يعلق الآمال على فوز المرشح الذي يبدو أقرب لقضايانا اعتقاداً منهم أن الحل يكمن لدى الأمريكان وبالتالي لدى رئيسهم. بداية لا بد أن نؤكد ع

وطن واحد شعوب مختلفة

منذ بدايات القرن الماضي ومع ثورة المواصلات لم يعد الانتقال من بلد إلى آخر مهمة صعبة، فالرحلات التي كانت تستغرق الأشهر أصبحت تتم في سويعات, والشعوب التي لم يلتق بعضها بالآخر طيلة قرون أصبحوا الآن في حالة التقاء متواصل، لم يعد بالإمكان أن نقول عن مجتمع معين إنه مجتمع ينتمي لإثنية واحدة، أوروبا تعج بالعرب والأفارقة والآسيويين والعالم العربي خليط من نفس الأجناس ولا تكاد تجد بقعة في العالم إلا وأصبحت متعددة الأعراق. لكن هل تستطيع هذه الشعوب المختلفة التعايش معاً رغم الفروق العرقية والدينية والاجتماعية التي تفصل بينها؟ في عالم العلوم الاجتماعية تفرد مساحة واسعة لدراسة ما يصطلح على تسميته بالانسجام الاجتماعي والذي يرمز إلى درجة قبول مكونات المجتمع لبعضها البعض، ومنذ نهايات الحرب العالمية الثانية ومع توسع حركة الهجرة عالمياً طرحت العديد من النظريات لتفسير الأسباب التي تدعو إلى زيادة هذا الانسجام الاجتماعي أو انخفاضه. أحد أشهر النظريات هي نظرية التواصل والتي طرحها الباحث الأميركي ألبورت عام 54، هذه النظرية تفترض أن زيادة الاتصال بين مجموعتين من خلفيات متمايزة ستؤدي حتمياً ومع مرور الوقت إ

الخيال والإبداع

مصطلحا الخيال والإبداع يمثلان متلازمة، فالإبداع هو نتيجة للخيال، فلو لم يجعل الله القدرة على تخيل أمور ليست موجودة فعلياً أمامنا لما تمكن الإنسان من تحقيق كل هذه الإنجازات العلمية والعمرانية، فالخيال قاد مسيرة الحضارة البشرية نحو الازدهار والنمو والاستجابة للمتغيرات، كما أنه من أهم أدوات التواصل البشري، فتجده متمثلاً في الشعر والرواية والقصص الشعبية المليئة بصور نتخيلها، ولا نراها في شكل مخلوقات لم تطأ أقدامها هذه الأرض، وأحداث لم يكتب لأحد أن يشهدها. حتى في النصوص الدينية تجد الخيال بارزاً في التصاوير المستخدمة في القرآن والسنة، "كمثل الحمار يحمل أسفارا" و "أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلاً بِسَفْحِ هَذَا الْجَبَلِ، تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ، صَدَّقْتُمُونِي؟" أمثلة على استخدام الخيال كأداة للتواصل لتحريك العقول نحو فهم جديد، عندما نسمع قصة لم نشهدها تلقائياً تبدأ أدمغتنا في رسم صورة لما نسمع وتخيل أحجام وألوان الأشياء فيها، وتقدير الوجود والأشكال حتى ترسم في أذهاننا لوحة دقيقة لكل ما نسمع وكل ذلك من دون أدنى جهد منا. الخيال العلمي في الغرب

المعاني المتفردة للحج

في كل عام يتقاطر الحجيج من مختلف دول العالم إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، هو منظر مهيب ذاك الذي يجمع أكثر من مليوني شخص من مختلف المشارب والأديان والأعراق في بقعة صغيرة جداً يقومون بذات المناسك بكل انصياع وانقياد لأوامر الله عز وجل. الحج كما هي بقية الشعائر الإسلامية التي افترضها علينا الله عز وجل يحمل صوراً رمزية ورسائل معنوية عظيمة بعضها جلي واضح والآخر يحتاج إلى التدبر للوصول إليه، وهنا نسوق مجموعة من معاني الحج المتفردة، أولاً وكما هو معلوم لدينا جميعاً فإن الحج رمز لاجتماع الأمة والمساواة بين أفرادها فلا فضل لأحد على أحد، فالكل يلبس ذات الثياب ويقوم بذات المناسك في صورة مشابهة لتلك التي ستقع يوم القيامة؛ حيث نقف جميعاً على صعيد واحد بانتظار حكم الله عز وجل. ولعل الممارسات الحديثة التي وفرت حجاً للفئات الخاصة يسكنون فيه بجوار الحرم ويقادون فيه في أغلى وأفخم السيارات وتوفر لهم أفضل الخيام وهذا غير التسهيلات التي تقدم لبعض الشخصيات الرسمية من قبيل الحماية الأمنية وفتح الطريق بشكل استثنائي لهم قد أفسدت هذا المفهوم في الحج، فها هو الغني يميز نفسه مرة أخرى على الفقير والقوي على

الخليجي سائحاً

السياحة صناعة عالمية حجمها يقدر بالمليارات, وتعتبر مصدر دخل رئيسيا للعديد من دول العالم، ومع الطفرة المادية التي منيت بها دول الخليج العربية أصبح السائح الخليجي مظهراً مألوفاً في معظم الوجهات السياحية، السائح الخليجي يسكن في أحسن الفنادق وينفق إنفاق من لا يخشى الفقر ويثير مظهره التساؤلات بين الاستنكار والإعجاب، سواء من خلال السيارات الفارهة التي يحلو للبعض أن يستعرض بها خلال سياحته, أو اللباس الذي ينتمي لأغلى الماركات العالمية، يبدو السائح الخليجي كمن أعطي حقائب من المال وطلب منه أن يتخلص منها سريعاً! ولكن أين تكمن المشكلة, وما البديل؟ هل يطلب من الخليجي أن يتوقف عن السفر، أم أن هذه الممارسات مقبولة في ظل متوسط الدخل في هذه المنطقة؟ في الحقيقة إن السياحة حق لمن يستطيعها وأداة من أهم أدوات التواصل الحضاري والتعرف على مختلف الثقافات، وليس من حق أحد أن ينكرها أو يستنكرها ما دامت في حدود الشرع والعرف. إنما بالإمكان رسم صورة مختلفة للرحلة السياحية, وهنا نناقش مجموعة مقترحات للوصول إلى تجربة سياحية تعود بالفائدة على العائلة مع المحافظة على المتعة والرفاهية المادية النسبية. ونبدأ مع الت

بين رومني وأوباما

ألقى المرشح الرئاسي الأميركي مت رومني خطاباً يوم الاثنين الماضي في معهد فيرجينيا العسكري شارحاً فيه الخطوات الأولى التي سيتخذها كرئيس على صعيد السياسة الخارجية، كان الخطاب مذكراً وبشكل مخيف بسلفه الجمهوري بوش، فقد وعد رومني بحضور عسكري أكبر للولايات المتحدة في نزاعات الشرق الأوسط من خلال تسليح المعارضة السورية بالسلاح الثقيل، كما وعد بربط المساعدات لمصر بشروط منها احترام الاتفاقيات مع إسرائيل واحترام «الديمقراطية»!. إذا أراد رومني الفوز على الرئيس أوباما فلا بد له من التقرب لليمين الأميركي والذي يتذكر بشوق أيام بوش وسياسته الخارجية المبنية على مفهوم السلام بالقوة والذي نبذته الحكومة الديمقراطية في ظل رئاسة أوباما. رومني ليس يمينياً تقليدياً أصالة ولكنه يحاول التنكر بزي محافظ على الطراز الذي كان عليه بوش وشيني. أوباما في الجهة الأخرى يبدو مهزوزاً خاصة بعد مناظرته الأخيرة مع رومني والتي سجل فيها المراقبون الفوز لرومني الذي شن حملة مستميتة لإظهار نقاط ضعف خصمه، أوباما فيما يتعلق بالسياسة الخارجية لم يقدم جديداً فما زالت سياسته الانعزالية والتي تتمثل في سحب القوات الأميركية من الخارج

تغرب عن الأوطان

مقال الشافعي قديماً «تغرب عن الأوطان في طلب العلا وسافر ففي الأسفار خمس فوائد» والغربة لمن جربها هي فعلاً مدرسة يتعلم فيه الإنسان ما لا يمكنه تعلمه في بلده وبين أهله، خاصة ونحن نعيش في درجة من الرفاهية تعز على أقراننا في العالم، ما يعني أننا تعودنا على درجة من الاتكالية على هذه الرفاهية تعمي أعيننا أحياناً عن المتاعب الحقيقية للحياة وتجعلنا نفهم «المعاناة» على أنها فقدان لإحدى الكماليات التي صارت أصلاً في مجتمعنا. وصلت إلى مانشستر في المملكة المتحدة يوم أمس الأول لبدء مشوار الدكتوراه الطويل في غربة تمتد لسنوات، ولست غريباً على الغربة فقد أمضيت ست سنوات من عقودي الثلاثة في الغربة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وجربت أصناف الغربة وعذاباتها المختلفة بدءا بالشوق إلى الأهل والوطن وانتهاءً بحالة الفلس المفاجئ التي يعانيها المغترب الفوضوي مثلي أحياناً. أزعم أن الغربة كان لها أثر كبير في بناء شخصيتي ونضوجها وما زلت أتعلم من هذه المدرسة، وأجمل هنا اقتباساً من الشافعي خمس فوائد حصلت عليها من غربتي المحدودة. الفائدة الأولى كانت في بداية حياتي في الغربة حيث ووجهت للمرة الأولى بمتا

عندما تخدم عدوك

موجة من الغضب العارم اجتاحت العالم الإسلامي إثر بث فيلم مدته أربع عشرة دقيقة ومصور بتقنية رديئة لا تكاد تصلح للإنترنت على الشبكة العالمية، يصور الإسلام ونبيه عليه الصلاة والسلام بصورة سيئة وبذيئة. الفيلم بحد ذاته ليس فريداً من نوعه، فلو بحثت على موقع رفع الفيديو اليوتيوب ستجد آلاف المقاطع التي تفنن أصحابها في شتم الإسلام والمسلمين بكل شكل وصورة، بل إن هناك ما هو أكثر تقانة وأطول مدة من هذا الفيلم البائس. والسؤال هو: لماذا يحوز هذا الفيلم كل هذا الاهتمام؟ لم يبث الفيلم (أو قل المقطع) على قناة تلفزيونية شهيرة، ولم يعرض في دور السينما، ولم يحدث ضجة في المجتمعات الغربية، ومع ذلك نجح في التسبب في أزمات متعددة بين أطراف مختلفة في أيام قليلة، ووقع مع الأسف بعض المسلمين قتلى بسبب هذه الأحداث، كما قتل بعض العاملين بسفارات أجنبية بغض النظر عن تورط القاعدة أو غيرها في مقتلهم. لن أتكلم هنا عن الفيلم نهائياً فلست معنياً به أو بمخرجه أو منتجه، ولا أعتقد أن الإسلام أو محمدا صلى الله عليه وسلم بحاجة إلى كاتب مثلي ليدافع عنهم، فالحق بالنسبة لنا بين واضح في مقام ديننا ونبينا، إنما أريد أن أتكلم عن

شمعون وفوضى التكنولوجيا

تتحدث أفلام الخيال العلمي كثيراً عن فكرة نهاية العالم والعديد منها يربط بين نهاية العالم والتكنولوجيا، سواء كانت الفكرة هي سيطرة التكنولوجيا على البشر وتحويلهم إلى عبيد أو القضاء عليهم أو من خلال كارثة تكنولوجية تدمر الأرض ومن عليها. وهناك حتى العديد من النظريات والاستشرافات التي تحدثت عن احتمالية حدوث كارثة تكنولوجية تقضي على حياة الرفاهية التقنية التي نعيشها، ففي مطلع القرن كان حديث الناس هواحتمالية توقف كل حواسيب العالم عند الانتقال من عام 1999 إلى عام 2000، ولكن كما نعلم الآن لم يحدث شيء. التكنولوجيا اليوم موجودة في كل جوانب حياتنا بشكل لا ندركه على الدوام، فكل شيء الآن يدار بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال حاسوب في مكان ما. فمثلاً مولدات الطاقة تعتمد على إرسال بيانات عبر الشبكة حول عملها والأبواب الآلية تقوم بالشيء ذاته، سيارتك يفحصها حاسوب وجسدك يربط بحاسوب عند تخطيط القلب ومراقبته، هاتفك هو حاسوب صغير وكذلك تلفازك، لم تعد الأجهزة التكنولوجية منفصلة عن بعضها، فالهاتف يوصلك بالتلفاز، والتلفاز يوصلك بالإنترنت والإنترنت يظهر حتى في بعض المطابخ الحديثة على «شاشة» الثلاجة! لكن ماذا

عندما يكون الانحباز إيرانياً

انقضت قمة عدم الانحياز الأخيرة في طهران في ظل جدل واسع حول المشاركة في فعالية بهذا الحجم في العاصمة الإيرانية في ظل الثورة السورية والدور الإيراني الفاعل في دعم النظام السوري وما تعنيه المشاركة من دعم غير مباشر للنظام الإيراني. بداية نوضح أن حركة عدم الانحياز هي تجمع دولي أنشأته مجموعة من الدول إبان الحرب الباردة بين القطبين الأميركي والسوفيتي لتنأى هذه الدول بأنفسها عن الصراع والاستقطاب القائم آنذاك وتوسعت المنظمة بشكل كبير خاصة بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وأصبحت تضم الكثير من الدول التي كانت في السابق تحت تأثير القوى العظمى. بطبيعة الحال مع دخول العالم في عصر أحادية القطب انتفت الحاجة الفعلية لوجود حركة لعدم الانحياز. أصبحت قمم عدم الانحياز خلال العقدين الأخيرين عبارة عن تقليد يتبع لا أكثر فلا تخرج بأية نتائج حيوية ولا تغير شيئاً على أرض الواقع حتى أصبح العديد من رؤساء الدول يرسلون مندوبين عنهم نظراً لقلة أهمية القمة. ولكن قمة هذا العام كانت تحمل رمزية مهمة جداً كونها أكبر الفعاليات التي تقيمها طهران منذ أمد باعتبارها على المستوى الرئاسي وتجمع عددا غير قليل من قادة العالم تحت سقف إ

عندما يموت العيد

للعيد حياة قصيرة يختلف طولها من مجتمع إلى آخر بل عائلة إلى أخرى حسب فعاليات العيد في تلك الدولة أو بالنسبة لتلك العائلة. عند البعض يبدأ العيد من صلاة العيد والتجهيز لها ويمتد حتى يشمل الجولة الصباحية وما يتبعها من غداء مع العائلة وثم زيارات مسائية ويخصص اليوم الثاني لإنهاء بقية الزيارات أو استقبال المهنئين، ومن ثم الثالث يكون للأطفال وهكذا، وعند آخرين ينتهي بنهاية صلاة العيد فأعرف البعض وقد تعودوا على الخلود إلى النوم بعد صلاة العيد –وربما قبلها- مباشرة ولا يستيقظون إلا مساء يوم العيد ليخرج الواحد منهم من بيته مع أصدقائه، فلا يدرك من العيد مع أهله شيئاً. حياة العيد تناقصت عبر الأجيال مع انخفاض وتيرة التواصل الاجتماعي فقل عدد الزيارات والزوار وزاد السفر يوم العيد مما أفقد العيد شيئاً من رونقه. لكن العيد يحيا بنا وبأيدينا أن نطيله من خلال تصميم العيد وفعالياته، عود أبناءك على أن يشاركوك كل برامج العيد بدءاً من الصلاة ومروراً بالزيارات ولا تتركهم نائمين بحجة التعب فعليهم أن يعرفوا أن العيد تواصل. وثم ليكن لك طقوس خاصة في العيد مثل زيارة البعيد من الأقارب والخروج مع العائلة إلى أماكن ا

رمضان من جانب آخر

لست في مقالي هذا من الواعظين، فالوعظ فن له رجاله، ومهنة لها صناعها، ولكني في ظل هذه الأيام والليالي المباركة ومع كثافة الحديث حول الجانب الإيماني لرمضان والعبادات التي بها يعرف وجدت سؤالاً في نفسي قد اختمر، ماذا عن الجوانب الأخرى لرمضان، رمضان الاجتماعي، ورمضان الاقتصادي, ورمضان التربوي وغيره من الرمضانات التي نغفل عنها، حيث تركيزنا منصب كما يجب على العلاقة مع الله عز وجل. فالإسلام كما نعلم ليس ديناً كهنوتياً ينزوي في المساجد ويترك الحياة تسير بمادية بحتة إنما هو عبادة ومعاملة، فذات الدين الذي يدفعنا للتعبد والصلاة يدير كذلك علاقاتنا البشرية ويوجه تعاملاتنا اليومية. فماذا إذاً عن رمضان من هذه الجوانب الأخرى. اجتماعياً رمضان في أيامنا له دور كبير في تكثيف علاقات العائلة والجيرة، فمع التغير التدريجي لمجتمعاتنا نحو المادية وامتداد ساعات العمل قلت فرص الالتقاء العائلي فأصبحت المنازل كما يحلو لوالدي تسميتها أسراً فندقية يعود الفرد من عمله أو دراسته ليجد طعامه وضع جانباً يغترف منه ما شاء منفرداً، ولكن رمضان يعمل عمل الصمغ للعائلة فتعود لتجتمع على الفطور ومن بعده على جلسة عائلية ليكون وقت

الله لا يغير علينا!

صرخت الشعوب المظلومة في عالمنا العربي صرخة مدوية أسمعت العالم كله حتى رفعت الظلم عنها وما زالت، ذهب الطغاة وذهب معهم نمط للعلاقة بين الحاكم والمحكوم مثل هوية القرن الأخير في المنطقة وليس من دولة إلا وواجهت تغييرات بشكل أو بآخر نتيجة لما اصطلح على تسميته بالربيع العربي. ويبدو أن الخليج الذي ظن أنه خارج دائرة تأثير رياح الربيع قد أصابه غبار من ذلك، فهاهي الكويت تمر بأزمة عاصفة يتحرك فيها نواب المعارضة للمطالبة بحكومة دستورية منتخبة إن كانت فستكون الأولى خليجياً . ولكن نطاق المطالبة بالحريات العامة يبقى في الخليج محدوداً خاصة في الدول التي تتمتع بوضع مادي متميز تتوفر فيه الخدمات لجميع المواطنين وترتفع في الأجور لتكون ضمن الأعلى عالمياً. هذه الدول وإن كانت تتمتع بدرجة لا بأس بها من الحريات العامة والأمن إلا أنها بلا شك تواجه بعض التحديات فيما يتعلق بالحريات العامة، وما زالت تخلو من أشكال المشاركة السياسية الحقيقية. ولكن كيف تقنع شعوباً تعيش حالة من الرغد والرفاهية بأنهم بحاجة إلى التغيير والمطالبة بما هو أكثر؟ يدور نقاش في شبكات التواصل الاجتماعي وعلى صفحات الجرائد شارك فيه بعض المثق

أنت منهم؟

أثار مقال كتبه الكاتب الإماراتي ياسر حارب حول مشكلة الانتماء الفكري في الخليج زوبعة على شبكات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، ببساطة يرفض كاتب المقال فكرة الانتماء الفكري في دولته الإمارات وبالتحديد للإخوان والسلفيين والليبراليين! ويقول الكاتب إن الإمارات نشأت وسطية في كل جانب (دينياً وسياسياً بالذات) ويتمتع المواطن فيها بكافة وسائل الراحة والدعة (المادية طبعاً) وعليه فعلى المواطن أن يكون راضياً مستسلماً مؤمناً بكل ما تتبناه الدولة من آراء. ويعتبر حارب أن الانتماء إلى جماعات وأفكار «خارجية» هو استدعاء لحالات خارجية إلى النسق الإماراتي الذي لا يتحمل ذلك. لا أكتب هنا رداً على حارب ولست معنياً بالنقاش الذي دار حول كونه من مثقفي السلطة أو مدفوعاً أو متملقاً، ما يهمني هنا هو أصل المشكلة، هل الانتماء الفكري وفي بعض الأحيان التنظيمي يعتبر تلقائياً رفضاً للانتماء المحلي وقدحاً في الولاء للدولة؟ دعونا نحلل هنا ماهية هذا الانتماء وخلفيته التاريخية، منذ بدايات القرن العشرين تنوعت الأفكار في العالم العربي مع انتشار موجة الشيوعية والاشتراكية ومواجهة ذلك بعد الحربين العالميتين من خلال الأ

صفعات تهز الثورات

يبدو أن الثورة المصرية كلما تقدمت بخطوة نجح المجلس العسكري في إعادتها إلى الوراء عشر خطوات وإن كان معنوياً، فمع تأخر تشكيل الحكومة الأولى في ظل رئاسة الدكتور محمد مرسي، يخوض المجلس العسكري على الجانب الآخر معارك جانبية أخرى لكسر الإرادة الشعبية المصرية معنوياً. المجلس العسكري يحاول باستماتة المحافظة على ما تبقى من أمجاد النظام القديم وسيطرته على الحياة العامة في مصر، سواء قانونيا من خلال استخدام نفوذه لدى قضاء مبارك في استصدار ما يحلو له من أحكام، أو سياسياً من خلال الأحكام الدستورية المشوهة، وأخيراً معنوياً من خلال إقامة جنازة عسكرية قلما تقام في مصر لصالح عمر سليمان الجناح الأيمن لسلطة مبارك، سواء من موقعه في الاستخبارات أو كنائب للرئيس لفترة وجيزة. تلقت الثورة المصرية مجموعة من الصفعات المعنوية التي نجحت في رد بعضها وأكلت البعض الآخر بصمت منذ نجاحها في إسقاط النظام. بدأت هذه الصفعات بإقامة الرئيس المخلوع في قصره بشرم الشيخ، لكن الثورة نجحت في رد الصفعة وإجبار العسكر على سجن مبارك، لكن الصفعة ردت من خلال إقامة مبارك في جناح طبي مجهز ومجدد بالكامل لاستقباله في السجن. صفعة أخرى تمث

هونج كونج من الشرق إلى الغرب

زرت خلال الشهر المنصرم إقليم هونج كونج الصيني في زيارة هي الأولى بالنسبة لي إلى هذا الإقليم، الذي يعتبر واحدا من إقليمين فقط يتمتعان بحكم ذاتي بعيدا عن الهيمنة المباشرة للحكومة الشيوعية الصينية. يأتي ذلك نتيجة لكون هونج كونج آخر الأقاليم انضماما إلى الوطن الأم بعد احتلال دام قرنا ونصف القرن من قبل التاج البريطاني، حيث إن الأسطول البريطاني رسا على شواطئها في بداية حملة انتهت بهزيمة الإمبراطورية الصينية على يد الإنجليز ضمن ما سمي بحرب الأفيون. في أواسط القرن الثامن عشر نشط البريطانيون في تصدير الأفيون الذي كانت تنتجه المستعمرات البريطانية في شبه القارة الهندية إلى الصين، مما تسبب في وباء من إدمان المخدرات أفسد الحياة الاجتماعية في المدن الرئيسية في الإمبراطورية مترامية الأطراف، وبعد أن عين الإمبراطور مديرا لإقليم جوانزوا ليتولى مهمة إيقاف تصدير الأفيون وتطبيق حكم الإعدام في حق عدد من المهربين الإنجليز، نشب صراع بين الحكومتين انتهى بقيام الحرب سالفة الذكر والتي انتصرت فيها بريطانيا فارضة بذلك السماح ببيع الأفيون الإنجليزي عبر الموانئ الصينية وسيطرة التاج على منطقة هونج كونج. بقيت هون

من ماليزيا عن ماليزيا

يختلف المراقبون في التعبير عن التجربة الماليزية، فبين الذين يعتبرونها نموذجاً للنجاح الاقتصادي والاندماج الاجتماعي إلى الذين يعتبرونها دولة مليئة بالفساد السياسي والصراعات الإثنية هناك بون شاسع وكما هي الحال في ماليزيا عينها تتنوع الآراء بتنوع المشاهدات. ماليزيا اتحاد فريد من نوعه حيث اتحدت الولايات الملاوية المختلفة خلال الاستعمار الإنجليزي لتشكل الاتحاد الملاوي وبعد الاستقلال عام 1957 انضمت صباح وساراواك وسنغافورة إلى الاتحاد ليعدل اسمه إلى الاتحاد الماليزي، كما هو معلوم سنغافورة تم طردها من الاتحاد إثر خلافات مع الحكومة المركزية في كوالالمبور لتبقى 13 ولاية في الاتحاد 9 منها ملكية والبقية يحكمها نظام برلماني، كل خمس سنوات يتم انتخاب ملك من الملوك التسعة في ماليزيا ليكون ملكاً للاتحاد وينتقل للسكن في العاصمة في قصر بني حديثاً بتكلفة بلغت قرابة المليار ريال قطري. انتخاب الملك بهذا الشكل يعد فريداً على مستوى العالم ولكن يبقى دور الملك شرفياً فالنموذج الذي يحكم البلاد متأثر بشكل كبير بالنموذج البريطاني الملكي الدستوري ويعد ذلك طبيعياً نظراً للاستعمار البريطاني الطويل للمنطقة. الحاكم

القطريون "أون لاين"

إذا جلس الواحد منا الآن في مجلس مع مجموعة من الأصدقاء وشاح بنظره يمنة ويسرة سيجد من الحضور من غاب في غياهب الجهاز الذي بين يديه، فواحد مع البلاكبيري يتناقش في مجلس افتراضي مع أصدقاء آخرين، وآخر على تويتر يغرد بآخر أرائه الفلسفية ، ودونهما شخص تفرغ لإنزال صور المجلس الذي يحضره في أحد أدوات الاتصال الاجتماعي مشفوعة بعبارة "مجلس تايم" ولو انبرى أحد الحضور للحديث في المجلس بشكل تقليدي فحديثه لا يخلو من إشارة إلى منشور على الإنترنت في مكان ما. دعيت نهاية الأسبوع المنصرم على العشاء لدى صديق لأفاجئ أن معظم الحضور كانوا من أصدقائنا "الافتراضيين" على موقع تويتر والذي لم يسبق لي أن ألتقي معظمهم على الرغم من   تبادلنا أطراف الحديث على تويتر، بعضهم "طاحت الميانة" بيني وبينهم على الموقع وعندما سلمت عليه في المجلس لم أعرفه حتى تدخل أحد الأصدقاء "الغير افتراضيين" قائلاً: ألم تعرفه إن فلان من تويتر – مستخدماً اسم حسابه على الموقع طبعا- ليزول بذلك الحاجز بين الافتراضي والواقعي. بدا لي في هذا اللقاء أن هناك جيل جديد من العلاقات ينشأ ناقلاً الافتراضي إلى ا

أنا وأنت و"الأجنبي"

حسب الإحصاءات الرسمية كان عدد سكان دولة قطر عام 1997 يزيد على النصف مليون بقليل، وفي إحصاء عام 2010 ذكر أن عدد السكان وصل إلى قرابة مليون و سبعمائة ألف أي بمعدل نمو نمو زاد على 300%. وبطبيعة الحال لا يعود هذا الانفجار السكاني إلى زيادة طبيعية في عدد المواليد إنما هي موجات من العمالة الوافدة جاءت من مختلف أقطار الأرض لتلبية احتياجات التنمية محلياً. هذا التغيير الديموغرافي المدهش قلص حجم "الجالية" القطرية في المجتمع فهي اليوم تمثل أقل من 15% من المجتمع حسب الإحصاءات الرسمية. مجتمعنا اليوم متعدد الأعراق والثقافات والديانات والجنسيات ولم يعد مجتمعاً متجانساً يحمل ثقافة غالبة مشتركة كما كان في زمان جيل آباءنا وآبائهم. وهذا التنوع يدعو إلى الاستفسار عن علاقة هذه المكونات الاجتماعية المتباينة ببعضها البعض، والسؤال الأهم هو ما هي نظرتنا كقطريين لهؤلاء "الضيوف" الذين يشكلون في مجموعهم 85% من سكان قطر. ليس من المناسب عند الحديث عن الأجانب المقيمين في قطر   وضعهم تحت تصنيف واحد حيث يضم الأجانب مجموعات تختلف في قربها وبعدها من الشكل الاجتماعي الذي يميز القطريين، فالعرب

وإذا الموءودة سئلت...

يقول ربنا في كتابه في سورة التكوير "وإذا الموءودة سئلت، بأي ذنب قتلت"، الوأد عادة جاهلية قضت بأن يدفن الأب عديم الإحساس ابنته في التراب من خلال وضعها في قدر أو ما شابه، عندما أنظر في عيني ابنتي لا أتخيل كيف يجرؤ شخص على عمل كهذا، وجه الطفل ملؤه البراءة ويشع بالسعادة ومن متع الحياة النظر إلى الأطفال والتحدث معهم قبل أن تفسدهم متاعب الحياة وهمومها وعندما يخطئ ابنك أو ابنتك وتضطر إلى التعنيف تجد نفسك ضعيفاً أمام براءة الطفل، فكيف بمن سولت له نفسه إنهاء حياة قصيرة وإيقاف ينبوع الحياة من مصدره من خلال قتل طفل. مجزرة الحولة والتي قضى فيها العشرات من النساء والأطفال هي تذكير قاس بقدرة البشر على تجاوز إنسانيتهم والتحول إلى كائنات مكنية خالية من العواطف والأحاسيس، مناظر نحر الأطفال أمام بعضهم وصب الدم على بعضهم قبل أن يحين دورهم كانت من البشاعة بمكان يجعلها أبشع مناظر القتل على الإطلاق فلم نر سابقاً توثيقاً لمثل هذه الأفعال الإجرامية. إن قتل الأطفال بهذا الشكل البشع يقال أنه جاء انتقاماً لعملية قام بها الثوار استهدفت قيادات أمنية واختيار الحولة كان سببه على ما يبدو أن أحد ا

سرطان السلطة

من قدر له أن يكون قريباً من مريض بالسرطان أثناء علاجه الكيميائي يعرف ما يفعله هذا العلاج بالجسم، يبدو المرض صحيحاً قبل العلاج وكأنه بكامل صحته وعافيته ولكنه مع بداية العلاج الكيميائي يضمحل تدريجياً حتى يتحول إلى هيكل عظمي ويعاني من ضعف شديد ولكن ما السبب؟ السبب طبياً هو أن العلاج الكيميائي هو في الحقيقة تسميم للجسم يهدف إلى قتل الخلايا السرطانية ولكنه في ذات الوقت يقتل الكثير من الخلايا السليمة ويضعف جهاز المناعة في الجسم بشكل حاد مما يؤدي إلى إيصال المريض إلى حالة سيئة ولكنها تنتهي بعلاج الورم وشفاء المرض في حال نجاح العلاج. الطريقة الأخرى لعلاج مرض السرطان والتي تنجح في حالة عدم انتشار المرض هي من خلال استئصال الورم كاملاً من الجسم ولكن لو كان لهذا الورم أي امتداد ولو على شكل خلية واحدة فقد يعود للنمو مجدداً وبشكل أكثر خطورة. الأنظمة البائدة العربية ابتداء بالتونسي وانتهاء بالسوري جميعها يمثل حالة متقدمة من سرطان السلطة والذي انتشر في أنحاء منظومة الدولة وتغلغل في كافة مؤسساتها، وجاءت هذه الثورات لعلاج هذا السرطان المستفحل ولكن العلاجات اختلفت جذرياً فالنظام الليبي مثلاً عول