المشاركات

عرض المشاركات من فبراير, ٢٠٢١

بايدن وإيران: البحث عن طريق العودة

بعد مضي ما يزيد على الشهر منذ دخول بايدن إلى البيت الأبيض التساؤلات والتكهنات آخذة في التزايد حول نية الإدارة الأمريكية تجاه إعادة التفاوض مع إيران حول برنامجها النووي، خلال حملته الانتخابية أكد بايدن أن الولايات المتحدة عائدة إلى الاتفاق ولكن "بشروط أفضل"، واستجابة لهذا الموقف أخذت طهران في رفع السقف التفاوضي دافعة باتجاه العودة إلى الاتفاق كما هو، ولكن حتى اللحظة ما زالت الصورة ضبابية حول مستقبل الاتفاق. بايدن من ناحيته قام بعدة أمور بهدف تجهيز الساحة أمام التفاوض مع إيران، مثل رفع الحوثيين من قائمة الإرهاب، التباحث مع مسؤولي إدارته حول طريقة لتخفيف أثر العقوبات دون رفعها، إعلان قبول دعوة الأوروبيين لاجتماعات في إطار مجموعة 5+1 وإبلاغ مجلس الأمن إلغاء قرار إعادة فرض العقوبات الأممية أحادياً على طهران، هذه الإجراءات لا يبدو أنها أدت إلى ارتياح إيراني، فمن ناحيتها وخلال الشهر الأخير أعلنت طهران رفع مستوى تخصيب اليورانيوم إلى 20%، وأوقفت زيارات التفتيش المفاجئة من قبل وكالة الطاقة الذرية، وصرحت بكل وضوح بأنها لا تعتقد أن ما قامت به إدارة بايدن حتى الآن يمثل تراجعاً عن سياسة ال

فكرة السير نحو الأقصى

قبل اثني عشر عاماً وفي مستهل مشواري مع الكتابة الصحفية نشرت مقالاً حول الحراك الشعبي والعمل الجماهيري وأدواته، في ذلك المقال ارتكبت الخطيئة التي أحاول تجنبها ما أمكن وهي توجيه النقد لسلوكنا عبر بوابة المقارنة مع سلوك غربي، كان السياق مرتبطاً بفعالية شهدتها خلال دراستي الجامعية وقفت فيها على الفرق الشاسع بين مجموعة عربية إسلامية وأخرى غربية في التعريف بالقضية الفلسطينية، الأولى أخذت شكل مهرجان خطابي ولوحات مرفوعة وعشرات من المشاركين الذين يرددون الهتافات، والثانية والتي أقيمت على أطراف الأولى ضمت ثلاثة أشخاص يقفون عند إشارة مرور كلما أحمرت يضعون حاجزاً خشبياً أمام السيارات المتوقفة ويعلنون لسائقيها أنهم يقفون أمام حاجز إسرائيلي يمنع الطفل من مدرسته والعامل من مصنعه وينتهك عنده كل حق إنساني، استثارني حينها المشهد لأن أثر هذا المشهد القصير كان أوقع على المارة والجمهور العام من أي مهرجان خطابي، بل ربما كان لذلك المهرجان أثر سلبي في السياق الغربي الذي أقيم فيه، ولذلك كان عنوان ذلك المقال "كيف نفكر، وكيف يفكرون". مع التطور السريع في طبيعة الاتصال البشري زادت التحديات أمام النشطاء و

حلم العودة إلى الوضع الطبيعي

فرانسيس فوكوياما الأكاديمي الأمريكي المعروف نشر عام 1992 كتابه المشهور المعنون "نهاية التاريخ والرجل الأخير"، جاء هذا الكتاب بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وسيادة الولايات المتحدة المطلقة على العالم، كانت فكرة فوكوياما الرئيسية هي أن هذا الحدث مثَل نهاية الصراعات التاريخية، وأن الديموقراطية الليبرالية الغربية باتت الطريق الحتمي الوحيد أمام البشرية، فكرته هذه كانت تمثل اتجاهاً عاماً تفاؤلياً في تلك المرحلة بين النخب الغربية، حتى أن العديد من كتاب روايات الخيال العلمي ومنتجي الأفلام اتجه نحو تصور مستقبل خالٍ من الصراعات والجشع تقاتل فيه الإنسانية مجتمعة الشر القادم من خارج الكوكب بعد زوال الشرور من داخله، ولكن هذا التفاؤل لم يدم طويلاً، مع نهاية القرن العشرين تبين أن أطروحة فوكوياما لم تكن إلا تمنيات، وتجلى ذلك مع انهيار برجي التجارة العالمية في نيويورك في مستهل هذا القرن، ومع الحروب والصراعات التي تلت هذا الحدث تيقن العالم أن البشرية لم تصل بعد، ولم تقترب حتى من نهاية التاريخ. مع نهاية العقد الثاني من هذا القرن كان الطموح البشري يتراجع أمام سيل من الإخفاقات وهدير من ضحايا الحروب

سخافات تاريخ الصراعات

  الصراعات السياسية والعسكرية عبر التاريخ كانت دائماً نتاجاً لسلسلة معقدة من الأحداث وتشابك في المصالح والتحالفات، ولكن هذا لا يعني أن جميع تلك الصراعات كان مبرراً، أو أنها جميعاً كانت نتاجاً مباشراً لحسابات المصلحة الوطنية أو الشخصية، العديد من هذه الخلافات كان لأسباب سخيفة، أو على الأقل، كانت أسبابها المباشرة من التفاهة بمكان بحيث إنها سجلت موقعاً في التاريخ لسخافتها، ولكن في طيات تلك الأسباب السخيفة تكمن طبيعة العلاقات البشرية، الصراع الذي ينتظر أن يحدث، فعلى مر التاريخ يبدو أن هناك دائماً من ينتظر سبباً حتى يضحي بأرواح الآخرين. في مطلع القرن السادس عشر تولى هنري الثامن الحكم خلفاً لوالده في إنكلترا، وحيث إنه كان واسع الطموح وأخذ في خوض العديد من المواجهات في الجزر البريطاينة وخارجها كان هنري مسكوناً بضرورة أن يكون لديه وريث لحكمه، دفعه ذلك إلى البحث عن طريقة لتطليق زوجته الأميرة الأسبانية كاثرين واستبدالها بآن بولين، المشكلة الوحيدة في هذا القرار كانت أن الكنيسة الكاثوليكية، المحتكرة لحق إعلان شرعية الملوك الأوروبيين، لا تعترف بالطلاق، بعد سلسلة من الأحداث وخلاف واسع مع البابا في ا