المشاركات

عرض المشاركات من نوفمبر, ٢٠١٧

بين المطرقة والسندان

قدر الدول ذات الحجم الجيواستراتيجي الصغير نسبياً أن تقع في فترات التوتر الدولي بين مطرقة الدول الكبرى وسندان القوى الإقليمية ذات المشاريع التوسعية، وليست قطر من ذلك ببعيد. فبالرغم من الدور الكبير على الساحة الدولية اقتصادياً وسياسياً، فإنها محكومة بقواعد الجغرافيا السياسية التي تضعها بين إيران والسعودية من جهة، ومعسكر شرقي غربي من جهة أخرى. وليست هذه نهاية القصة؛ فهذا الواقع يمكن التعامل معه في ضوء المجتمع الدولي وتفاعلاته بما يخفف الآثار المترتبة على صراعات القوى الإقليمية والعالمية عبر ثلاث استراتيجيات رئيسية. الاستراتيجية الأولى هي التمدد الدبلوماسي المدروس الذي يؤسس توازن مصالح مع مختلف الأقطاب عالمياً. ذلك يحتاج إلى هندسة شبكة العلاقات والمصالح بما يضمن أقل قدر ممكن من التضارب بينها، مع الإبقاء على عنصر الردع الناتج عن وجود علاقات مع مختلف الأطراف. فمثلاً مع نشوء الأزمة الحالية، توجهت قطر نحو روسيا لتوطيد العلاقات، واستهدفت معظم العواصم المؤثرة في العالم للتأسيس لمرحلة جديدة من الدبلوماسية المستدامة التي كانت لها نتائج سريعة كما شاهدنا على هذه الأزمة، وسيكون لها نتائج إيجابية كبي

أحلام نتنياهو

لا أظن أن رئيس وزراء الكيان الصهيوني كان ليجد في أكثر أحلامه نرجسية واقعاً مثل هذا الذي يحيط به اليوم، الدولة التي قامت كل فلسفتها على أنها في محيط معادٍ، تجد نفسها اليوم وجيرانها يخطبون ودها، بل ويتنافسون في القرب منها، مصر تقدم الغالي والنفيس لحماية حدودها الجنوبية، سوريا لم تعد موجودة على الخارطة، الأردن يحافظ على اتفاقية السلام، ودول من الخليج تهرول إلى تطبيع مجاني لا هدف له إلا كسب ود أحمق واشنطن المطاع، ليس هذا وحسب، بل تتطوع دول الطوق ومعها دول خليجية للتضييق على حماس وإيقاف المصالحة، وضرب داعمي القضية الفلسطينية، ويرجون من الكيان الصهيوني أن يشاركهم حروبهم البينية وأزماتهم المفتعلة. الوضع في الحقيقة من السخافة بمكان أن تصرح تل أبيب أنها تغلق مكاتب الجزيرة أسوة بالعرب، وأنها تتمتع بعلاقات طيبة مع بلاد الحرمين، وأنها تتشارك في الرؤى ضد الإسلاميين مع جيرانها المسلمين، لا شك أن نتنياهو اليوم يعيش حلماً لم يكن ليتصوره هو ولا أي من قيادات الكيان من قبله، ولكن كيف وصلنا إلى هنا؟ كيف تجاوزنا قاع القيعان إلى ما هو أسفل منه؟ التفسير العربي الدائم هو أننا ضحايا لخطة صهيونية أميركية للإ

سياسة إشعال الحرائق

خلال 24 ساعة، اتخذت الرياض عدداً من الخطوات التي لا يمكن وصفها إلا بسياسة إشعال الحرائق. داخلياً: تم اعتقال عدد كبير من الأمراء المتنفذين ووزراء ومسؤولين في مناصبهم وآخرين سابقين ورجال أعمال، السبب المعلن هو مكافحة الفساد، بينما يتضح من خلال الأسماء التي تم اعتقالها أن المسألة في سياق تثبيت الانتقال من الأفقي إلى الرأسي في نظام ولاية العهد، وحجب أي خصم متوقع لولي العهد الحالي من المشهد تماماً. خارجياً: تم استدعاء رئيس الوزراء اللبناني إلى الرياض، ليقدم استقالته منها بشكل مفاجئ، وبدعوى الاعتراض على التوغل السياسي الإيراني -عبر حزب الله- في لبنان، بينما لم يشكل ذلك عائقاً أمام بقاء الحريري في السلطة الفترة السابقة، ثم غاب الحريري عن المشهد، وأشارت الأنباء إلى استدعاء آخر، طال هذه المرة محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية، الذي يواجه تحدياً من دحلان المدعوم من أبوظبي، أما ردة الفعل على الصاروخ الحوثي فوق الرياض فكانت تهديداً مباشراً لإيران، وقصفاً عنيفاً على صنعاء، كل ذلك في أقل من 24 ساعة. كل هذه الأحداث أشعلت حرائق جديدة، تلتحم مع تلك السابقة، سواء حرب اليمن أم حصار قطر أم دعم حفتر

هل تستفيد واشنطن من الأزمة الخليجية؟

يغلب على الذهنية العربية الانهزامية افتراض أن كل أزمات عالمنا العربي وغيره هي من تصميم غربي وتنفيذ «العملاء» وتستفيد منها إسرائيل ومن خلفها، لا شك أن مكانة دول مثل الولايات المتحدة واللوبيات الصهيونية المتواجدة في عواصم العالم المختلفة تضع أولئك في موقف يمكنهم من توظيف الآخرين، واستغلال الأزمات كفرص لتمرير الأجندات المختلفة، ولكن إطلاق هذه الفرضية على كل وضع بغض النظر عن المعطيات على الأرض تسطيح للواقع سيؤدي حتماً لاستنتاجات خاطئة. في إطار حصار قطر والأزمة الخليجية هناك خطاب يتكرر على ألسنة الكثير، ومنهم بعض المحللين السياسيين المخضرمين، هذا الخطاب يفترض أن الأزمة والخلاف البادي في واشنطن والمواقف المتضاربة كل ذلك هو جزء من تمثيلية كبرى تستهدف استنزاف خيرات الخليج وضرب مواطن القوة فيه، وبالتالي تسوق الفكرة التالية، الولايات المتحدة لن تساهم في حل الأزمة لأنها أكبر مستفيد منها، ربما لن تساهم الولايات المتحدة في الدفع باتجاه الحل، ولكن هل هي فعلاً مستفيدة من الأزمة؟ واشنطن في تقديري تواجه خسارة استراتيجية ضخمة بسبب هذه الأزمة، والقول بعكس ذلك يثير الاستغراب، أولاً منطقة الخليج تعتبر خ