المشاركات

عرض المشاركات من مارس, ٢٠٢٠

الحياة في ظلال كورونا

يبدو للناظر في أحداث العالم خلال الأسابيع الأخيرة أن البشر مصابون بالذهول لما يجري، يقفون مشدوهي الأبصار وهذا الوباء ينتقل من دولة إلى أخرى، مباغتاً أصحاب القرار فيها وهم يتخذون الإجراء خلف الآخر والأرقام في ازدياد لا تترك مجالاً لإعادة تفكير أو تريث في حكم، العالم باختصار أصبح تحت رحمة كائن لا يرى ولا يمكن مناقشته في خططه ونواياه. قبل أن يناقش الساسة الآثار الاقتصادية والسياسية للتعامل مع هذا الوباء فرض عليهم الميدان واقعاً مختلفاً وخرجت الحسابات التقليدية للربح والخسارة من المعادلة وصار السؤال هو "كيف نصمد؟"، كيف يمكن للبشرية تجاوز هذه المحنة دون أن تنهار دول أو يهوي الاقتصاد العالمي في فج عميق، وكانت المفارقة أن الفيروس لم يلتزم بتراتبية القوة والضعف والفقر والغنى فضرب بقبضة من حديد العالم الذي دأب على تعريف نفسه بالأول، أوروبا مهد الحضارة الغربية الحديثة والولايات المتحدة مستقرها تواجه تهديداً وجودياً أو على الأقل لريادتها العالمية، يقول المواطن اليوم في الدول التي كانت تصدر المهاجرين إلى هذه الدول "اللهم جنبنا مصير إيطاليا واحفظنا من أهوال نيويورك". و

كورونا المستجد، ثلاثية الإنسان والمال والسلطة

تمكن فيروس لا يرى بالعين المجردة من الاستحواذ على اهتمام العالم متجاوزاً أهمية التطورات الاقتصادية المرتبطة بتباطؤ عالمي محتمل وتدن مفاجئ لأسعار النفط، والسياسية حول الانتخابات التي تدور رحاها في الولايات المتحدة وتطورات المنطقة العربية المتسارعة، بل وأصبح هذا الفيروس صانع الأحداث اقتصادياً وسياسياً، وفي وسط هذه التطورات يقف الإنسان الضحية الدائمة لصراعات المال والسلطة، فبينما ينتشر المرض يتضح التباين في أعداد الضحايا ونسبة الفتك بين الدول الفقيرة والغنية، والحكومات المستقرة والمضطربة، وتلك التي تتعامل بشفافية وحرص على مواطنيها وأخرى تحجب المعلومات وتضحي بالمواطن لحماية النظام. جاءت موجة انتشار هذا المرض والعالم على شفا جرف هار سياسياً واقتصادياً، كان الحديث يدور حول تباطؤ اقتصادي عالمي ولم تكد تخلو زاوية من زوايا العالم من أزمة سياسية أو إرهاصات أزمة، وكان الفيروس هو القشة متناهية الصغر التي قصمت ظهر البعير الدولي، بات أهل الاقتصاد يحذرون اليوم من تداعيات خطيرة على الأسواق العالمية مع انهيار البورصات وتراجع أسعار النفط والخسائر المباشرة وغير المباشرة على قطاعات الطيران والسياحة

الدوحة...عاصمة السلام العالمي

اهتزت أركان الولايات المتحدة في الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 مع سقوط البرجين التوءمين في نيويورك، وبعد أشهر قليلة شنت إدارة بوش الابن حرباً شاملة على أفغانستان، انتهت باحتلال البلاد واستمرار العمليات العسكرية ضد حركة طالبان، وفي عام 2019 التحق فوج جديد من المجندين ذوي الثمانية عشر عاماً بالجيش الأمريكي، وغالباً شارك قسم منهم في جولات قتالية في أفغانستان، هؤلاء ولدوا في عام الحرب الأول وكبروا حتى صاروا جنوداً فيها، قرابة العقدين هو عمر أطول حرب في تاريخ الولايات المتحدة، أطول من حرب فيتنام التي استمرت سبعة عشر عاماً وأربعة أشهر، وحرب العراق والتي استمرت ثمانية أعوام وتسعة أشهر، جيل كامل من الأمريكيين لم يعرف الحياة دون حرب في أفغانستان ولم يعاصر أحداث سبتمبر التي أدت إليها، وفي التاسع والعشرين من فبراير عام 2020 وقع أول اتفاق لإنهاء هذه الحرب، طرفاه هما طرفا الصراع الحقيقيين، الولايات المتحدة من جهة وحركة طالبان من جهة أخرى. الاتفاق الذي وقع في الدوحة توج جهود الوساطة القطرية التي استمرت في هذه الجولة ثمانية عشر شهراً وسبقه جولات هدفت للإفراج عمن سموا حينها بخماسي طالبان مقابل أس