المشاركات

عرض المشاركات من 2019

العالم بين مطرقة عام وسندان آخر

نستقبل آخر أعوام هذا العقد بجعبة مليئة بملفات ما سبقه من أعوام، فمازالت الأزمات ذاتها مشتعلة في اليمن وسوريا والخليج، ومازالت الأقليات المسلمة تعاني الاضطهاد في ميانمار والصين والهند، حتى الغرب الذي أمضى العقود الماضية يعبث بالعالم بات يصارع الفوضى مع ترامب في واشنطن واليمين المتطرف في أوروبا التي تحاول لندن مغادرتها واللاجئون استيطانها، ليس بالإمكان أن نقول ان العالم بات أفضل، وربما هو ليس أسوأ فليس بالإمكان أسوأ مما كان، ومع نهاية هذا العام نستعرض أهم الملفات التي سنعيش في كنفها خلال العام القادم، والتي نجرها معنا من عامنا هذا. أولاً- سيحضر أمامنا ملف الهبات الشعبية والذي ظننا أن ناره انطفأت في منطقتنا ولكنها عادت لتشتعل في السودان والجزائر والعراق ولبنان وحتى تونس باستحقاقاتها، وجاءت موجة التغيير هذه متزامنة مع حراك جاب العالم من هونج كونج إلى بوليفيا، العديد من عواصم العالم شهدت مظاهرات حاشدة ضد السلطة نجح العديد منها في إزالة قادة من على كراسيهم، وفي ظل تحولات النظام العالمي وفشل النموذج الليبرالي الاقتصادي في تحقيق الرفاه هذه التحركات الشعبية مرشحة للتفاقم، وخاصة في أمريكا

الخليج بين الدورة والقمة

مثلت دورة كأس الخليج التي اختتمت مؤخراً في الدوحة بصيص أمل بعد قرار اللحظة الأخيرة بالمشاركة من قبل السعودية والإمارات والبحرين، وبعيداً عن المواقف السياسية شهدنا صوراً جميلة تذكرنا بأن خليجنا واحد وشعبنا واحد، فعندما رفع الحجاب عن الشعوب وسمح لها بالتواصل الطبيعي ولو لأيام قليلة وجدنا كل الود والأخوة، وكان لحضور حضرة صاحب السمو نهائي البطولة وتكريمه للفريقين السعودي والبحريني الأثر الإيجابي الكبير محلياً وخليجياً، وبعد هذه النفحات الإيجابية بأيام قليلة تأتي القمة الخليجية الثالثة بعد بدء الأزمة فهل تكون نقطة تحول في مسار الأزمة؟ بطبيعة الحال كل هذه الأحداث تجري في ظل التقارير والتصريحات حول مفاوضات بين الدوحة والرياض، هذه المفاوضات وكما قال سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية وصلت لمرحلة متقدمة وتجاوزت المطالب الثلاثة عشر التعجيزية، بل إن مشاركة منتخبات الحصار يبدو أنها جاءت في إطار هذا التفاوض وكدعم له، هذه الأجواء رفعت سقف التوقعات بالنسبة للقمة الخليجية، تكلمت بعض التقارير عن احتمالية حدوث انفراجة كبرى في هذه القمة أو حتى قبلها، ولكن مع وصولنا ليوم عقد القمة لا توجد مؤ

الحراك الثوري في مواجهة محاور القمع الإقليمية

منذ عام 2013 تكون انطباع عام لدى المراقبين بأن محور الثورات المضادة تمكن من كبح جماح شعوب المنطقة، بعد نجاح انقلاب مصر وانحدار سوريا نحو الحرب وما تبع ذلك في ليبيا واليمن، لم يعد للزخم الثوري وجود على الأرض، وعادت الدولة القمعية لتكون هي النموذج الأساس في المنطقة، ما ننساه أحياناً أن الانقلاب على دعوات الإصلاح والهبات الثورية في المنطقة لم يكن من قبل المحور العربي للثورات المضادة فحسب، فإيران ومن خلال دعمها لنظام الأسد، والنظام الطائفي في العراق وقمعها للتظاهرات الداخلية في تلك الفترة كانت المطرقة التي هوت على سندان محور الثورات المضادة ضاربة بقوة الحديد الهبات الشعبية، ففي الحقيقة كان محورا الثورة المضادة العربي والإيراني متطابقين من حيث مواجهة الشعوب في المنطقة وإن اختلفت السياسات، واليوم يبدو أن الشعوب في المنطقة تثور على الطرفين في آن واحد. في الموجة الثانية للربيع العربي تختلط أصوات الثائرين على الجمهورية العربية العسكرية في السودان والجزائر بأصوات رافضي ولاية الفقيه وتوابعها في العراق ولبنان وإيران، ناهيك طبعاً عن الحراك داخل إيران والذي بدأ يكتسب زخماً ثورياً غير بسيط، وفي

مسؤوليات المجتمع في تحقيق تجربة ديمقراطية ناجحة

بعد الإعلان عن تشكيل اللجنة العليا للتحضير لانتخابات مجلس الشورى وخطاب صاحب السمو في افتتاح دور انعقاد المجلس بات قريباً بزوغ فجر التجربة الديمقراطية في قطر، وعلى الرغم من أن الحديث دار لفترة طويلة حول ما يعنيه ذلك بالنسبة للمجتمع والدولة في قطر إلا أن الكثير من الأسئلة ما زال بحاجة إلى حوار مجتمعي جاد للوصول لإجابات شافية، وبعيداً عن النقاش القانوني والإجرائي هناك تساؤلات مرتبطة بالمجتمع وتحديات منوطة به، بحاجة إلى حراك مجتمعي واع ومواز للجهود الرسمية في ضمان نجاح العملية الانتخابية وما يتبعها، والحديث هنا لا يحمل المجتمع فوق طاقته ولكن الفكرة هي ألا يكون التعاطي المجتمعي سلبياً مع التجربة متلقياً لها بل إيجابياً متفاعلاً معها، فدور الحكومة في العملية الديمقراطية تنظيمي في الأساس، أما دور المجتمع بمختلف مكوناته ومؤسساته هو بنائي تنويري. على مستوى الأفراد هناك مسؤولية ملقاة على عاتق كل منا متمثلة في إعمال العقل والوعي والحس الوطني في تعاملنا مع التجربة قبل وأثناء وبعد العملية الانتخابية، ينبغي أن نبذل مجهوداتنا الذاتية في توعية أنفسنا والآخرين بما تعنيه المشاركة السياسية وتجنب ال

كيف نجح رهان أردوغان في سوريا

 عانت السياسة التركية في سوريا من الكثير من التحديات خلال السنوات الأخيرة، بدايةً تم وأد جهود الثورة التي تدعمها، كما تحولت مشكلة اللاجئين لقضية سياسية وطنية، وإسقاط الطائرة الروسية كاد يؤدي لأزمة دولية، ناهيك عن الإشكال الإستراتيجي المتعلق بوجود ميليشيات كردية على الحدود، كل هذه التحديات شكلت عبئاً ثقيلاً حيث صار الرئيس التركي ومن خلفه حزب العدالة والتنمية يعاني من آثار السؤال السوري في استحقاقاته الانتخابية، ولذلك كان نجاح هذه الإستراتيجية الأخيرة في شمال سورية أساسياً وامتحاناً وجودياً بالنسبة للقيادة التركية الحالية. المطالب التركية الرئيسية قبل العملية كانت إزاحة الأكراد عن شريط عمقه 32 كيلومتراً من الحدود وتأسيس منطقة آمنة في هذه المساحة يمكن إعادة نسبة كبيرة من اللاجئين السوريين لدى البلاد إليها، وعلى المستوى الداخلي أرادت القيادة التركية التعامل مع تحديات ثلاثة، الأول هو تنامي المشاعر السلبية تجاه السوريين والذي تحمل الحكومة مسؤولية زيادة أعدادهم، التعامل مع المشكلة الكردية على الحدود والتي تستغلها المعارضة ضد الحزب الحاكم، وإعادة صورة القائد الوطني القوي لأردوغان خاصة مع

التداعيات الإقليمية لاتفاق سعودي إيراني

بعد أن زار وفد أمني إماراتي طهران يوليو الماضي بات واضحاً أن أبوظبي قررت خفض التصعيد مع إيران وخاصة بعد تراجع الرئيس الأمريكي عن هذا التصعيد، وبذلك تركت الرياض وحيدة في مواجهة إيران، ومنذ ذلك الحين بدأت التكهنات حول إمكانية أن يكون هناك اتفاق بين الرياض وطهران مشابه لذلك الذي يبدو أنه تم بين أبوظبي وهذه الأخيرة، خلال الأيام القليلة الماضية سمعنا العديد من التصريحات التي تشير إلى وجود تواصل بين الطرفين، فعلى الرغم من الإنكار السعودي للادعاءات الإيرانية حول طلب سعودي للتفاوض في البداية إلا أن أكثر من مصدر يشير إلى أن عمران خان رئيس الوزراء الباكستاني أوصل رسالة سعودية إلى طهران في معرض زيارته للمنطقة، لا شك أن مثل هذا الاتفاق سيمر بمخاض صعب وربما لا يرى النور، ولكن في حال تم ذلك ما هي أهم تداعيات مثل هذا الاتفاق على القضايا الإقليمية؟ لا شك أن اليمن هي المتأثر الأول بإبرام اتفاق بين البلدين، رغبة الرياض في إنهاء ملف اليمن هي دافع أساسي للتفاوض مع طهران، وسيكون الوضع المستقبلي في اليمن أحد أعمدة الاتفاق، الرياض من ناحيتها يقال إنها قدمت مقترحات لمناطق للتهدئة وإيران بإمكانها كبح جما

هل يسقط ترامب؟

منذ يومه الأول في البيت الأبيض واجه ترامب أزمة تلو الأخرى مرجعها عادة يكون تصرفاته وقراراته التي كسر بها مختلف الأعراف السياسية واستعدى من خلالها مختلف الأطراف داخل وخارج الولايات المتحدة، ولكن الخناق ضاق بشكل كبير على الرئيس الأمريكي خلال الأسابيع الأخيرة، فمع اقتراب موعد الانتخابات تبدو الصورة أكثر قتامة لترامب وفريقه، فهل أصبح فوز ترامب بالانتخابات القادمة ضرباً من الخيال أم إنه ما زال المرشح الأوفر حظاً؟ فوز ترامب بالانتخابات تحول دونه مجموعة من العوامل على رأسها أزمة طلبه من دول أجنبية التحقيق في شأن منافسه، إجراءات العزل في مجلس النواب، خسارة ولايات حزام الصدأ وفلوريدا والتي مكنته من الفوز في 2016. الفضيحة التي فجرها مصدران قررا كشف ما جرى في اتصال بين ترامب والرئيس الأوكراني بدا فيها ترامب وكأنه يربط المساعدات لأوكرانيا بإجراء تحقيقات حول هنتر بايدن ابن المرشح الرئاسي الديمقراطي جو بايدن أثارت الطبقة السياسية في واشنطن وذكرت المراقبين بالأحداث التي سبقت استقالة نيكسون، ترامب زاد الطين بلة من خلال دعوته أمام كاميرات الصحافة حكومات أجنبية للتحقيق في شأن هنتر، هذه الفضيحة هي

إيران بين هجمات أبقيق واجتماعات نيويورك

على الرغم من النفي الإيراني المستمر، إلا أن العالم بات يتعامل مع الهجمات التي استهدفت منشآت نفطية سعودية على أنها تصعيد إيراني خطير يغير قواعد اللعبة في المنطقة، هذه الهجمات التي أوقفت نصف الإنتاج السعودي من النفط كشفت هشاشة الوضع الأمني لقطاع الطاقة في المنطقة بشكل عام، كما أوضحت أن طهران مستعدة لتجاوز الخطوط الحمراء حيال أمن الطاقة العالمي، ولكن عوض أن ينتج عن ذلك رد حاسم ضد إيران نجد العكس تماماً، روحاني يصل نيويورك هذا الأسبوع ويلتقي بقادة غربيين وجل تصريحات الولايات المتحدة الأمريكية تدور حول تجنب الحرب مع إيران، كيف يمكن تفسير ذلك؟ على الرغم من أن هذا التصعيد الإيراني يعتبر مغامرة شديدة الخطورة إلا أنه من الواضح أن الإيرانيين درسوا وبشكل جيد السلوك السياسي من حولهم خلال الفترة الماضية، ووصلوا لثلاث نتائج رئيسية، الأولى هي أن الرئيس الأمريكي لا يريد الحرب وسيتجنبها بكل السبل الممكنة، وخاصة وهو يقترب أكثر فأكثر من الانتخابات الرئاسية، وبالتالي إذا تجنبت طهران استهداف مواطني الولايات المتحدة وجنودها بتصعيدها العسكري فلا يتصور أن تقدم واشنطن على أكثر من عقوبات اقتصادية جديدة، ا

دوافع التطرف ...من الشرق إلى الغرب

مع تزايد الاعتداءات العنيفة في العالم بين تلك التي تحركها الأيديولوجيا وتنظمها الجماعات المسلحة وتلك التي يرتكبها أشخاص غير أسوياء فكرياً أو عقلياً بلا منطق أو هدف يتبادر السؤال الأهم إلى أذهان الساسة والباحثين، ما هي الدوافع التي تجعل من إيذاء الآخر أمراً مقبولاً بل وخدمة لفكرة أو توجه ما؟ لا شك أن الدوافع تختلف من شخص لآخر ومن قضية لأخرى ومن مكان لآخر ولكن هناك حالة إنسانية عامة تتجه بالإنسان نحو العنف، وهنا لا نتحدث عن ذلك العنف الذي هو نتاج قرار سياسي بخوض حرب أو انتقاماً مباشراً لجريمة ما، بل نتحدث عن العنف الذي يرتكبه شخص ضد أبرياء إما لهدف سياسي أو فكري، دراسة هذا النوع من العنف مهمة لأن التعرف على الأسباب والدوافع هو الخطوة الأولى نحو علاج المشكلة، ولهذا السبب أقمنا من خلال معهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية في جامعة قطر مؤتمراً دولياً لدراسة أسباب التطرف شارك فيه أكثر من 100 باحث من أكثر من 20 دولة، وفي جلسات المؤتمر وخلال أحاديث أروقته تبادل الحضور تفسيراتهم ونتائج أبحاثهم وتجاربهم الميدانية. في الحقيقة ولد المؤتمر تساؤلات أكثر مما أفرز أجوبة، فبينما حاول بعض المشار

حرب حلفاء الشرعية... على الشرعية

في مشهد لا يمكن وصفه بأقل من مجزرة قصف الطيران الإماراتي في عشر غارات قوات تابعة للحكومة اليمنية في كل من عدن وأبين مخلفاً قرابة 300 قتيل وجريح، هذه الغارات ليست الأولى التي تستهدف فيها الإمارات قوات الشرعية ولكنها كانت تدعي سابقاً أن تلك كانت نيران صديقة وأن الاستهداف كان بالخطأ، في هذه المرة لم تخف الإمارات مسؤوليتها ولا نيتها مدعية أنها جاءت ضد «إرهابيين» وإثر اعتداء على قوات «الشرعية»، في الواقع كانت هذه الغارات هي نتيجة لنجاح القوات الحكومية في استرداد مساحات في زنجبار مركز محافظة أبين وعدن من القوات الانقلابية المدعومة إماراتياً، الرياض من ناحيتها لم تحرك ساكناً عدا إعطاء الضوء الأخضر لتصريحات يمنية منتقدة للإمارات والسماح لألوية تابعة للشرعية بالحراك دون دعم حقيقي لمواجهة الانقلابيين. هذه الغارات مثلت نقطة محورية في الحرب الدائرة في اليمن حيث أصبح صعباً بعدها إخفاء الاحتقان في جهة الشرعية اليمنية تجاه الإمارات فخرج بيان من الرئيس والحكومة والعديد من المسؤولين اليمنيين يسمي الإمارات بشكل مباشر ويطلب إجراءات لردعها، ولكن هذه البيانات وخاصة بيان الرئاسة كانت هزيلة مقارنة بم

واشنطن بين إسلام آباد والهند

كتب ريتشارد هاس الدبلوماسي الأمريكي المخضرم والرئيس الحالي لمجلس العلاقات الخارجية مقالاً في الرابع عشر من أغسطس الحالي يحذر فيه من مغبة أن تقترب حكومة بلاده من باكستان على حساب الهند، يأتي ذلك على خلفية النزاع الأمريكي الأخير مع الهند حول السياسات التجارية والتقارب مع باكستان خاصة مع قرب توقيع الاتفاق مع طالبان ودور باكستان المحوري في نجاح أي اتفاق لتقاسم السلطة بين طالبان والحكومة الأفغانية، من ناحية أخرى فإن ما يحدث بين البلدين من تصعيد في مختلف الملفات وخاصة كشمير يعني أن واشنطن قد تجد نفسها مضطرة للاصطفاف مع طرف في حال اندلعت مواجهات مسلحة بين البلدين. هاس من ناحيته يقول: إن أي اصطفاف أمريكي مع باكستان سيكون مضراً بمصالح واشنطن الإستراتيجية حيث يتهم إسلام آباد بأنها ستظل داعمة للإرهاب حسب قوله، بينما يرى في الهند شريكاً يعتمد عليه في الحرب التجارية مع الصين نظراً لرفضها التعاون مع بكين في مشروع الطريق والحزام، ولأنها تشكل ثقلاً بشرياً واقتصادياً موازياً للصين في آسيا بينما تقود التحديات الاقتصادية التي تواجهها باكستان؛ حكومة إسلام آباد إلى تعاون أكبر مع الصين. الولايات المتح

أهداف الحلفاء وأحداث عدن

أثارت أحداث عدن الأخيرة الكثير من التساؤلات حول طبيعة واستمرارية التحالف بين الرياض وأبوظبي خاصة في ملف اليمن، وبعيداً عن التصريحات الرسمية والزيارات المتبادلة بات واضحاً أن طرفي التحالف ليسا في حالة اتفاق على الأقل فيما يتعلق بالتطورات الأخيرة، فهل يستمر التحالف في اليمن بشكله الحالي؟ للإجابة على السؤال أعلاه لابد من الوقوف أولاً على أهداف كل طرف في اليمن، فعلى الرغم من أن الأهداف المعلنة لكلا الطرفين متوافقة إلا أن قراءة سلوك الطرفين تدل على أن هناك أهدافاً أخرى يحتفظ بها كل طرف لنفسه، بالنسبة للسعودية الوجود في اليمن يسعى لتحقيق أمرين رئيسيين، الأول هو دفع التوغل الإيراني في المساحة الاستراتيجية السعودية، منذ اليوم الأول لنظام الثورة في إيران وحتى قبل ذلك كان واضحاً أن الدولتين تتحركان في ذات المساحة الاستراتيجية ويمكن قراءة ذلك في أحداث الحرب العراقية الإيرانية ابتداءً ومن ثم أحداث لبنان ثم غزو العراق، ولكن الدخول في اليمن كان يشكل خطورة خاصة للسعودية التي طالما اعتبرت اليمن حديقتها الخلفية، وكانت القيادة السعودية الجديدة تريد إثبات جديتها في رد التقدم الإيراني، الأمر الثاني

سوق الرهان على ترمب

مع وصول ترامب إلى البيت الأبيض تعددت الرهانات على فترته وما يمكن تحصيله من خلالها عالمياً، هناك من راهن على نجاحه في كسر العجلة الروتينية للسياسة الخارجية الأمريكية، وهناك من راهن على فشل إدارته في التعامل مع قضايا الخارج وعلى السياسة الخارجية التعاقدية وإمكانية "شراء" مواقف، وأطراف راهنت على المؤسسات الأمريكية في ضبط سلوك ترامب. بعض هذه الرهانات آتت لأصحابها مكاسب وأخرى أدت إلى خسائر فادحة، وما لا شك فيه هو أن العامين والنصف عام الأخيرة كانت بمثابة قطار الملاهي بالنسبة للعالم وهو يتفاعل مع إدارة ترامب وسياساتها المتشقلبة. روسيا ومعها إيران وكوريا الشمالية والصين إلى حد ما يبدو أن رهانهم كان على فشل ترامب في تحقيق أي إنجازات خارجية وأن تتسبب سياساته في إضعاف الموقف الأمريكي الدولي، وإلى حد كبير آتى هذا الرهان أكله مع فشل ترامب في مواجهة التمدد الروسي في سوريا وتوتر العلاقة بين الولايات المتحدة والناتو والاتحاد الأوروبي الأمر الذي جاء لصالح التمدد الروسي غرباً، ومن ناحية أخرى تمكنت كوريا الشمالية من الحصول على ما أرادت من ترامب، فجرته إلى لقاءات تفاوضية معها دون أن تقدم أي

الدوحة عاصمة الوساطة

بدأت يوم أمس أعمال مؤتمر الحوار الأفغاني والذي يحضره ممثلون من مختلف الانتماءات الأفغانية، هذا المؤتمر والذي يأتي بتنظيم الوسيطين القطري والألماني هو تتويج لشهور من العمل المتواصل لضمان تمثيل مناسب لمختلف ألوان الطيف الأفغاني حتى تتحقق مخرجات شاملة تقرب أفغانستان، هذا البلد الذي عاش قرابة قرن من الحروب المتواصلة، من السلام، الآمال كبيرة على أن يكون هذا العمل بالإضافة إلى جهود الوساطة القطرية والألمانية بين طالبان والولايات المتحدة هو نهاية المطاف للانقسام والحرب الأهلية والاحتلال الأجنبي، ووجود ممثلي الشعب الأفغاني في الدوحة هذه الأيام هو بلا شك دلالة على أن قطر شريك مهم في تحقيق السلام العالمي. منذ أواسط تسعينيات القرن الماضي نشطت الدوحة في جهود الوساطة المختلفة، من لبنان إلى شرق أفريقيا ودارفور والساحل واليمن وفلسطين وأفغانستان، وفي كل تلك التجارب كان هناك ميزة تنافسية مهمة لقطر في الدفع باتجاه المصالحة والسلام وهي دور الشريك الفاعل في تحقيق السلام، فلم يكتف الوسيط القطري بأن ييسر جهود الوساطة ويعقد المؤتمرات فحسب بل اتجه نحو تقديم الدعم التنموي في تلك الدول لضمان نجاح الوساط

قمة العشرين بين استعراضات ترامب وتنازلاته

اختتمت قمة العشرين أعمالها في مدينة أوساكا اليابانية بعد يومين حافلين بالمصافحات والصور الجماعية والاهتمام الإعلامي المرتكز حول من سيبتسم في وجه من، ومن سيجتمع بمن وكيف سيكون سلوك القادة مع بعضهم البعض، القضايا الحقيقية غابت كما تغيب عادة في مثل هذه الاجتماعات لصالح الخلافات البينية وأزمات العلاقات العامة، ومع تزايد التوتر عالمياً في مختلف الملفات، أصبحت مثل هذه القمم أقل فاعلية، والتركيز فيها ينصب على المجاملات السياسية. منتدى مجموعة العشرين أنشئ في 1999 ليكون منصة تناقش فيها 19 دولة والاتحاد الأوروبي السياسات التي يمكن من خلالها ضمان الاستقرار المالي العالمي، ولكن نشاط المجموعة توسع منذ عام 2008 ليشمل مختلف القضايا السياسية والبيئية والاجتماعية ذات الاهتمام المشترك، فبعد أن كان الحضور يكاد ينحصر في القادة ومحافظي المصارف المركزية اتسعت دائرة الحضور لتشمل وزراء الخارجية والمالية للدول الأعضاء، وباعتبار أن اقتصادات الدول العشرين تمثل أكثر من 80% من الناتج القومي العالمي وتضم ثلثي مواطني العالم تحتل التوافقات التي يتم التوصل لها في المنتدى أهمية بالغة. البيان الختامي للقمة لم

أهمية العلاقات القطرية الباكستانية

في زيارة إلى باكستان استغرقت يومين أكد حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى على متانة العلاقات القطرية الباكستانية وخاصة في المجالات الاقتصادية والعسكرية، الزيارة ضمت العديد من الرسائل المهمة كان أبرزها من خلال حفاوة الاستقبال الذي تلقاه سموه والذي يدل على اهتمام متجدد لدى إسلام آباد في العلاقات مع الدوحة، كما أن الزيارة التي قام بها سموه لقاعدة نور خان الجوية واطلاعه على طائرات جي اف الحربية والسوبر موشاك التدريبية والصواريخ المختلفة جاء ليدلل على تعزيز العلاقات العسكرية بين البلدين في إطار تعزيز القدرات الدفاعية لدولة قطر. الجانب السياسي في العلاقات القطرية الباكستانية يأتي في إطار التغيير السياسي في باكستان بعد تولي عمران خان وهو شخصية مستقلة بعيدة عن تجاذبات الساسة والعسكر المعتادة في باكستان، رئيس الوزراء الباكستاني يريد حسب ما يتضح من التحركات الباكستانية مؤخراً في القضايا الإقليمية والأزمة مع الهند أن يعيد تشكيل تحالفاته الإقليمية والدولية بما يضمن لباكستان مزيداً من الازدهار ولتحييد الملفات الأمنية التي كلفت باكستان كثيراً، ولذلك وعلى الرغم من الاس

من أشعل المضيق؟

هجوم ثانٍ في المنطقة يستهدف ناقلات في طريقها للخروج من الخليج، تعود هذه الهجمات بالذاكرة إلى حرب الناقلات في ثمانينيات القرن الماضي خلال الحرب العراقية - الإيرانية، التي أدت في النهاية إلى المواجهة العسكرية المباشرة الوحيدة بين طهران وواشنطن بعد تعرض سفن تجارية في الخليج لهجمات وألغام إيرانية، تضمنت تلك المواجهة إسقاط طائرة مدنية إيرانية وانتهت معها المواجهة العسكرية الأمريكية الإيرانية، والآن يعود استهداف السفن التجارية بذات الطريقة، فهل يعيد التاريخ نفسه؟ أم أن هناك أيادي خفية تريد وضع واشنطن وطهران في وضع مماثل لذلك الذي أدى إلى تلك المواجهة اليتيمة بينهما؟ في العلاقات الدولية أبسط النماذج التحليلية هو القائم على افتراض أن الأطراف السياسية تتحرك بناءً على المصلحة، وبالتالي إذا تعرفت على مصالح هذه الأطراف والمخاطر التي يواجهونها بإمكانك تحليل دور كل طرف بشكل سليم، طبعاً هذا الافتراض مبني على أن القرار «عقلاني» لدى متخذه، أي أنه مبني على حسابات مصلحية بحتة، التصعيد الحالي بين واشنطن وطهران لا يتسم بالضرورة بالعقلانية ولكن بغض النظر عن الحالة الذهنية لصناعة القرار في العاصمتين إلا

بعد عامين

مرت الذكرى الثانية لحصار قطر ولم يعد هناك مجال للشك أن قطر تجاوزت الأزمة بأبهى حلة، ولكن بعد عامين تبدو صورة قطر والمنطقة مختلفة بواقع جديد فرض عليها، له استحقاقات عديدة على مستوى علاقات قطر الدولية والإقليمية ووضعها المحلي، وبالنسبة لنا في قطر نعيش الآن لحظة تاريخية تحتم علينا حكومة وشعباً إعادة التفكير في واقعنا وكيفية التعامل معه على كافة المستويات، لا يكفي أن نقول إننا تجاوزنا الأزمة فحسب بل علينا أن نتلمس طريق قطر نحو المستقبل. على المستوى الدولي صبغت تحركات قطر خلال العامين الماضيين بصبغة تحييد ممارسات دول الحصار لتشويه قطر في الخارج، ونجحت الدبلوماسية القطرية في إعادة التموضع بما يتناسب مع ذلك من خلال تعزيز العلاقات مع اللاعبين الدوليين وعلى رأسهم الولايات المتحدة ومواجهة الحملة لتلطيخ سمعة قطر عبر إجراءات سريعة ومحددة وجولات دبلوماسية مكثفة، وتبقى مشكلة قطر في علاقاتها الدولية اليوم هي أن الحملة مستمرة دون هوادة، وبالتالي تحتاج قطر إلى خطين في علاقاتها الخارجية، الأول يتعامل مع استمرار الضغط الذي تمارسه دول الحصار عبر تحييد أثره، والثاني لتأسيس موقع جديد لقطر يبنى على الر

الخليج والربيع الجديد

تتقدم أحداث الموجة الجديدة من الربيع العربي وتزداد تعقيداً مع الخلافات المركبة في السودان واستمرار سيولة الوضع في الجزائر وفشل حفتر في تحقيق تقدم ميداني على الأرض، لا يبدو الوضع في أي من السياقات الثلاثة مرشحاً لاستقرار ولو نسبي، ففي كل الحالات هناك مواجهة مفتوحة بين القوى الثورية والتقليدية بل وفي حالتي الجزائر والسودان يبدو أن المواجهة داخل معسكر النظام محتدمة أكثر من الصراع مع القوى خارجه، وفي خضم هذا المخاض يبقى الترقب للعامل الخليجي الذي كان له الدور الأبرز في أحداث الربيع الأول أو على الأقل في تعقد المشهد آنذاك. كما كان الحال مع الثورة المصرية والحرب في ليبيا في المرة الأولى تبدو المحاور الخليجية منقسمة بشكل واضح في أحداث الدول الثلاث اليوم، ولكن هناك عوامل مختلفة اليوم تحدد طبيعة التدخل الخليجي، أولاً يبدو الخليج أياً كان موقف دوله في دعم هذا الطرف أو ذاك منهكاً بتعقيدات الحالة السياسية العربية وبالأزمات المتلاحقة، المحور السعودي الإماراتي والذي استثمر الكثير في ضمان نجاح الثورات المضادة يواجه اليوم تعثر جهوده في اليمن والالتفاف المصري على التوافق في المحور وفشل حفتر في ال

الربيع العربي 2.0

منذ 2013 كنت من أنصار التحليل الذي يقول إنه بسبب الارتفاع الكبير في تكلفة الحراك السياسي فإن احتمال حدوث موجة جديدة للربيع العربي منخفض جداً بل شبه مستحيل، بل وفي إحدى مقالاتي ذكرت أن أي توقع لربيع ثان يجب أن يتجاوز هذا الجيل الذي عاصر أحداث الربيع الأول وما نتج عنه من ثورات مضادة وتماد في القمع وسفك للدماء، ولكن الشعوب العربية أثبتت أنها عصية على الواقعية السياسية التي يفضل المحللون السياسيون من أمثالي التمسك بها في استشراف المستقبل، وخرجت مرة ثانية في عاصمتين عربيتين، وعندما كتبت قبل أسابيع حول ما يعنيه هذا الحراك وضعت شروطاً لتطوره بأن تتكون الكتلة الحرجة من المتظاهرين وألا تكون ردة الفعل الأمنية حاسمة، وألا تعبث التدخلات الخارجية في ردة الفعل تجاهه، حتى الآن يبدو أن ذلك تحقق في الحالتين الجزائرية والسودانية، تشكلت كتلة حرجة ضخمة جداً في البلدين وهناك استمرار وثبات على المطالب، في الجزائر استقال الرئيس وبدأ التحضير لمرحلة ما بعد تغيير رأس النظام وفي السودان بدأ الخناق يضيق على النظام ووصلت التظاهرات إلى مستوى لا يمكن معه احتواءها دون تعامل أمني عنيف وحاسم، وبموازاة ذلك بدأ حفتر تح

قمة أخرى...وشائعات جديدة

اختتمت القمة العربية الثلاثون أعمالها في العاصمة التونسية كما اختتمت سابقاتها، بيانات رنانة، تأكيد على الحقوق والقضايا العربية، صور جماعية ومراسم استقبال وتوديع، لم تشهد هذه القمة أية مفاجآت لا من حيث الحضور ولا الكلمات، كما هو متوقع مثَّل الأمين العام موقف بلاده وعبَّر حديثه عن التدخلات التركية، ولم يطرح موضوع إعادة استيعاب النظام السوري مرة أخرى على كرسي سوريا نظراً لعدم وجود توافق حول ذلك - وإن أشارت كلمة الأمين العام والرئيس المصري ضمناً إلى ذلك- حالة الانقسام العربي مستمرة وتزداد حدة، جناح يريد إيران وتركيا عدواً، وجناح لا يقبل بذلك، محور يريد علاقات أفضل مع الكيان الصهيوني ومحور متمسك بالموقف العربي الثابت منه، كان موضوع الجولان والحاجة لموقف واضح من الإعلان الأمريكي وما يرتبط بذلك من مواجهة مع إدارة ترمب وإسرائيل مصدر إجماع بين الحضور وإن كان مربكاً لبعض الأطراف، ولعل هذا ما دفع الإمارات والبحرين تحديداً إلى خفض التمثيل ويذكر أن وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي صرح قبل القمة بأيام قليلة بأن المقاطعة العربية للكيان الصهيوني كانت "خطأً" تاريخياً، السعودية من نا

باكستان والهند.. عنوان الصراع القادم

يحمل التوتر بين باكستان والهند خلال الأسابيع الماضية نذير تفجر بؤرة صراع حساسة في عالمنا اليوم، كانت هذه المواجهة العسكرية هي الأولى بشكل مباشر بين قوتين تملكان السلاح النووي منذ انتشار الأسلحة النووية بعد الحرب العالمية الثانية، وقبلها بشهور بدأ التحرش الهندي في باكستان من خلال الاعتداء على المدنيين عبر الحدود واستهداف مسلمي كشمير من قبل المتطرفين الهندوس، استمرت هذه الاستفزازات حتى وقوع العملية التي أودت بحياة 44 جندياً هندياً في كشمير والتي استغلتها الهند لاتخاذ مجموعة إجراءات ضد جارتها وصلت إلى تنفيذ ضربة جوية داخل الأراضي الباكستانية ما اضطر باكستان إلى الرد بالمثل وانتهت المناوشات بإسقاط طائرة هندية وأسر طيارها الذي تم تسليمه إلى الهند لاحقاً في بادرة حسن نوايا، وحتى الآن يبدو أن التصعيد متوقف بين الجارتين النوويتين، ولكن لماذا حدث ذلك ولماذا الآن؟. هناك العديد من الأسباب غير المباشرة مثل المواجهة بين الصين الداعمة لباكستان والولايات المتحدة الداعمة للهند في ملفات مختلفة والتغير السياسي داخل باكستان ولكن السبب الأبرز الذي يقف خلف الأزمة هو قرب الانتخابات البرلمانية الهندية

هل من ربيع جديد؟

سريعاً تطورت الأحداث في السودان وتبعتها الجزائر، من جديد مظاهرات شعبية تجتاح عواصم عربية مطالبة بالإصلاح وبرحيل الوجوه التي تسيدت المشهد لعقود، ولكن البيئة هذه المرة مختلفة تماماً، هذه المظاهرات تواجهها أنظمة مستعدة وتحالفات إقليمية حريصة على وأد فكرة الثورة وشعوب تستذكر بمرارة تجارب الثورات المضادة، فهل يمكن أن يكون هناك ربيع ثان في ظل هذه الظروف؟ هناك بلا شك ظروف خاصة بكل من السودان والجزائر ولكنها لا تختلف كثيراً عن ظروف تونس ومصر وبقية دول الربيع العربي إبان الثورات، أزمات اقتصادية وتكريس للقمع واستمرار لقيادات أمضت عقوداً في مناصبها، وبالتالي لا تختلف الدوافع وظروف الداخل ولكن ظروف الخارج مختلفة، فلم يعد الاستقرار هو الأصل في المنطقة فالعديد من دول المنطقة غدت دولاً هشة أو فاشلة وهناك تحالف تشكل على فكرة محاربة الحراك الشعبي والإصلاح السياسي أصبح لديه مشروع هيمنة جديد قائم على تكريس الأنظمة القمعية ودعمها ومحاولة إسقاط أي قوة داعمة للتغيير، ومن المفارقة أن السودان والجزائر دول كانت مرشحة لأن تحدث فيها هبات شعبية خلال الربيع ولكن شيئاً من ذلك لم يحدث، في السودان التي كانت توا

العالم بين وارسو وميونخ

خلال أسبوع واحد التقى العديد من صناع القرار في العالم في مدينتي وارسو أولاً ثم ميونخ تلبية لدعوتين مختلفتين، الأولى كانت عبر الولايات المتحدة الأمريكية التي دعت وبشكل مفاجئ وبدون وجود أجندة واضحة إلى مؤتمر يجمع العديد من حلفاء واشنطن لغرض كان يبدو أنه تشكيل جبهة موحدة ضد إيران ثم تحول إلى مؤتمر هش حول قضايا الشرق الأوسط المختلفة، الدعوة الثانية كانت لمؤتمر ميونخ للأمن الفعالية الدولية التي أكملت عقدها الخامس والتي تجمع العديد من صناع القرار عبر العالم للحوار حول القضايا الأمنية المختلفة ويمثل منصة مهمة لطرح أزمات العالم وتحدياته على طاولة حوار دولية، الفرق بين هاتين الفعاليتين وطبيعة الخطاب في كل منهما ربما يمثل وضع العمل الدولي الحالي. بدأت الدعوة لوارسو بالحديث عن مؤتمر كان يفترض أن يجمع دولاً عربية وأخرى إقليمية والكيان الصهيوني لتحديد الخطوة القادمة ضد إيران، ذلك الهدف الذي ما زالت إدارة ترمب تعتبره الأول على قائمة أهدافها في المنطقة، تطور الأمر بعد فشل إدارة ترمب في الوصول لتوافق قبل انعقاد المؤتمر حول مخرجاته حيث تحول مؤتمر وارسو فجأة إلى مؤتمر جامع بحضور موسع لمناقشة مختلف

الأفكار المخالطة للواقع

في حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم" رواه الترمذي وابن ماجه، هذا الحديث له دلالات مهمة نحو فهم الطبيعة البشرية والتعامل معها، يقرر الحديث أن الانعزال والنأي بالنفس عن إكراهات التفاعل البشري لا يؤدي إلى الخيرية بل على العكس، الانغماس في هذا التفاعل هو الذي يقودك إليها، كما يقرر الحديث أن هناك أذىً متوقعاً من التفاعل الإنساني، أي أنه لا يمكن افتراض حالة طوبائية يكون فيها التفاعل الإنساني إيجابياً بالمطلق ولكن الانعزال ليس حلاً ولن يؤدي إلى ما فيه خير البشرية. أستحضر هذا الحديث في إطار عالم الأفكار، الأفكار كذلك من الممكن أن تنشأ في العالم الانعزالي الهادئ ما يوفر لأصحابها فرصة لتشكيل هذه الأفكار بعيداً عن إكراهات الواقع ولكنها في تلك الحالة تكون عبارة عن تنظير أجوف، الأفكار تختبر في ميدان الواقع وهناك فقط تتحول إلى أدوات للارتقاء بالبشرية، بمعنى آخر، الفكرة تبقى جسداً أجوف حتى يمسها الواقع بتعقيداته وصعوباته فتدب فيها الحياة، لذلك تجد الكثير من الأفكار ا

كأس القوة الناعمة القطرية

أسعد فوز منتخب قطر في نهائي كأس آسيا الشعب القطري وقيادته وعشنا لحظات جميلة ونحن نشاهد منتخبنا يتصدر على الرغم من محاولات التشويش والتشويه والحملة المسعورة على قطر ومنتخبها في إطار البطولة، فمع حرمان الجماهير وطرد الإعلاميين ورمي الأحذية في الملعب والتغييب المتعمد لاسم قطر في إعلام الدولة المنظمة تفوق المنتخب القطري على منافسيه واحداً تلو الآخر بما في ذلك المنظم المنحاز، وفي أعقاب الفوز ارتفع اسم قطر عالياً في سماء أبوظبي ليعلن للعالم أن قطر وفي كل المجالات عصية على من ابتغى لها الشر، ومنذ إعلان النتيجة بدأت تتوافد علينا رسائل التهنئة من مختلف الدول العربية والإسلامية وغيرها، وصارت صور الاحتفالات تطوف بنا العالم وعنوان الفرح واحد، قطر. هذا الفوز كان اختباراً حقيقياً للقوة الناعمة القطرية، حيث راهن الخصوم على أن قطر فقدت بريقها بعد انتصار الثورات المضادة وانطلاق حملات التشويه وعمل الساسة والإعلاميين والمثقفين لضرب صورة قطر لدى المواطن العربي تحديداً، وكان من أهم أهداف الحصار المفروض على قطر القضاء على القوة الناعمة القطرية عبر شيطنتها في الذهنية الشعبية، ولكن ما جرى بعد الفوز الق