المشاركات

عرض المشاركات من أبريل, ٢٠١٥

البقرة العرجاء

في مكانٍ ما في هذه الدنيا استيقظ المزارع مبكراً كعادته ودخل إلى حظيرة البقر ليطمئن على مصدر رزقه، كل بقرة بخير إلا واحدة يبدو عليها أنها تعرج، عاد المزارع إلى كوخه مهموماً، سأله ولده عن الأمر فأخبره عن البقرة العرجاء، قال له الولد «لا عليك يا أبتاه الحل عندي» رد الوالد «يا بني، هذه الأبقار مصدر رزقنا ولن أتركك تعبث بها» اتصل المزارع بصديق له يستشيره فأخبره عن أشهر مزارع الأبقار في العالم وأنه بإمكانه استقدام خبير من أحدها ليساعده، أرسل المزارع في طلب الخبير، أسرع الخبير في الحضور حاملاً حقيبته الدبلوماسية بيد وفاتورة أتعابه باليد الأخرى، دخل الحظيرة ليعاين البقرة وبعد ساعات طوال خرج على المزارع وقال «في مزرعتنا العظيمة نرش المبيد الحشري في الحظيرة يومياً وأبقارنا لا تعرج فلماذا لا تجرب ذلك؟» أسرع المزارع واشترى مبيداً حشرياً ورشه تحت إشراف الخبير في الحظيرة. في الصباح التالي ذهب المزارع ليتفقد الحظيرة فوجد أن اثنتين من أبقاره ماتتا اختناقاً خلال الليل، والبقرة العرجاء على حالها، استدعى الخبير فجاء بحقيبته وفاتورته ودخل إلى الحظيرة، بعد ساعات خرج وقال للمزارع «أبقارك لم تكن متعودة على ا

العالم بمنظور إيراني

نتحدث دائماً عن المشروع الإيراني، باعتباره مشروعاً دينياً سياسياً عرقياً ، فمن جهة هو تصدير لمذهب الدولة الشيعي ومن جهة أخرى هو بسط نفوذ سياسي على دول المنطقة ومن جهة ثالثة هو مشروع عنصري فارسي، وكل ذلك له دلالاته في الخطاب التعبوي للنظام الإيراني، ستجد هناك الرموز الشيعية والفارسية جنباً إلى جنب بالإضافة إلى مفردات الهيمنة السياسية سواء في خطابات المرشد الأعلى للثورة أو في المظاهر الاحتفالية في العاصمة طهران أو في خطاب الجماعات الموالية لهم مثل الحوثيين وحزب الله، ولكن هل هذا الخطاب يمثل الرؤية الإيرانية على حقيقتها؟ أم أنه دعاية سياسية وتعبئة عاطفية تخفي وراءها مشروعاً آخر؟ لو اعتبرنا أن الخطاب الإيراني الإعلامي متوافق مع المشروع الإيراني لأصبح علينا أن نصدق أن إيران تخوض حرباً دينية ضد الشيطان الأكبر، بينما تنسق هي مع الشيطان الأكبر في العراق بعد أن تسلمتها منه، وتوقع معه الاتفاق حول قدراتها النووية، وسيكون كذلك علينا أن نصدق أن إيران تدعم الأقليات الشيعية لحمايتها من الطغاة والإرهابيين، بينما قتل من رموز الشيعة الكثير في العراق لمجرد أنهم رفضوا الانضواء تحت اللواء الإيراني، و

المنسحبون من العاصفة

بدأت عاصفة الحزم بموجة تأييد عارمة اجتاحت المنطقة فشملت دول الخليج باستثناء عمان وعدداً من الدول العربية بالإضافة إلى تركيا وباكستان والولايات المتحدة، لكن هذا التأييد والحماس سرعان ما تراجع، تركيا أعلنت أنها لن تشارك في أي عمل عسكري، تبعها البرلمان الباكستاني وحتى مصر التي يعتمد نظام الحكم العسكري فيها على الدعم الخليجي بشكل شبه كامل تتوالى التصريحات من عسكرييها محذرة من التدخل في اليمن، ولكن لماذا يحدث ذلك حين يبدو أن التحالف مقبول من هذه الأطراف من حيث المبدأ؟ السياسة تحكمها نظرية الربح والخسارة كما هو الحال في عالم الأعمال تماماً، فكما يعد التاجر دراسة جدوى لكل مشروع يقدم عليه حتى يضمن أن التكاليف ستتناسب مع الأرباح المتوقعة كذلك السياسي يبحث قبل أي خطوة عن المنافع المتوقعة مقابل التكاليف التي سيتحملها، في الحالتين الباكستانية والتركية على الطرفين تمرير أي قرار متعلق بمشاركة عسكرية عبر البرلمان، في الحالة الباكستانية فشلت الحكومة في تمرير القرار وألمح أحد المعارضين في البرلمان إلى أن الزج بالجيش الباكستاني في هذه الحرب سينتج عنه زعزعة الأمن داخل باكستان، ما يقصده طبعاً هو أن

أوباما و "العرب السنة" وإيران

في مقابلة مع الصحافي الأمريكي الشهير توماس فريدمان تحدث الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن "العرب والسنة" وهو مصطلح لا يستخدمه الأمريكيون كثيراً ففي العادة يكتفون بتسميتهم بالعرب، ولكن هذه المرة وفي ظروف الاستقطاب الطائفي في المنطقة كان لا بد لأوباما أن يحدد هوية من يتحدث عنهم بوضوح، تحدث أوباما عن مشكلة العرب السنة وأن التهديد الرئيسي الذي يواجهونه ليس خارجياً، بل هو داخلي، ويتمثل في السخط الشعبي الناتج عن قمع الحريات والظلم، قلل أوباما من الخطر الإيراني وكرر مراراً أن أي مواجهة للعدوان الخارجي لا بد أن يسبقها إصلاحات داخلية. طبعاً نسي – أو تناسى- أوباما أن إدارته هي أحد أدوات إفشال الربيع العربي الذي كان هدفه إزالة القمع والظلم الذي يتحدث عنه، نسي أن حكومته دعمت الانقلاب في مصر، ومنعت ومازالت تمنع الدعم العسكري عن ثوار سوريا، وكانت دائماً داعمة لأنظمة القمع العربي عسكرياً وسياسياً، لكن ما الذي دفع أوباما للحديث عن المخاطر الداخلية التي تواجه العالم العربي السني في الوقت الذي تخوض فيها عشرة دول سنية حرباً مكتملة الأركان مع إيران وحلفائها؟ وما علاقة ذلك باتفاق الإطار مع إي

فرصة العاصفة

انطلقت عاصفة الحزم في اليمن لتكون أول تحرك عسكري تضامني بين الدول الإسلامية السنية ضد التدخلات الإيرانية المتكررة في مختلف الأقطار العربية، انطلقت الحملة وسط مشاعر التفاؤل في الشارع العربي، فلأول مرة منذ سنين عديدة تتوافق الأفعال الرسمية مع الطموحات الشعبية، وكان ذلك واضحاً من خلال بيانات التأييد والدعم التي تلقتها الحملة من مختلف المكونات الشعبية والسياسية في العالم العربي حتى المعارضة منها، فالمؤسسات المنتمية للإخوان المسلمين عربياً أصدرت بيانات داعمة للحملة ولحكومات الدول التي تتواجد فيها حتى في الدول التي تعتقل قيادات الحركة وتحارب نشاطها، والكثير من الرموز الذين كانوا خلال السنوات الماضية يخوضون صراعاً ضد الأنظمة العربية للمطالبة بالحقوق السياسية والحريات خرجوا في وسائل الإعلام مؤيدين للحملة و داعمين لمشاركة حكوماتهم فيها. هذا التضامن الشامل لا يشابهه إلا حالة التضامن العربي التي نتجت عن المواجهة مع العدو الصهيوني في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، حالة التضامن تلك استفادت منها حينها مصر حيث أصبح عبدالناصر رمز الأمة العربية وقائداً لها فكانت صوره ترفع في مختلف العواصم العربي

المفصل اليمني

في تطور سريع للأحداث في اليمن تقف عدن على أعتاب احتلال حوثي لتسقط بذلك العاصمة المؤقتة بعد سقوط العاصمة الأصلية، جاء ذلك بعد أيام من إعلان وزير الخارجية اليمني أن حكومته طلبت رسمياً من مجلس التعاون الخليجي التدخل عسكرياً للحيلولة دون احتلال الحوثيين لكامل التراب اليمني، مجلس التعاون بدوره وبعد انعقاد اجتماع أمني رفيع المستوى في الأيام الماضية أعلن أنه يدرس الخيارات كلها بما فيها العسكرية، لكن تباطؤ اتخاذ قرار مباشر لتدخل عسكري أدى إلى انهيار قوات هادي، وكان الوضع يدعو إلى شيء من التفاؤل حيث تمكن هادي قبل أيام من القضاء على آخر بؤرة في مؤسسات الدولة العدنية كانت تعارض سلطته من خلال السيطرة على قوات الأمن الخاصة التي كان العميد السقاف يرفض تسليمها لخلفه الذي عينه هادي بديلاً عنه، وفر السقاف على إثر ذلك هارباً، كما أن قوات تابعة لهادي صدت مجموعات حوثية كانت في طريقها إلى عدن في أول احتكاك مباشر بين الطرفين، أما الآن فمصير هادي غير معروف والقوات الحوثية والموالية للمخلوع علي عبدالله صالح تقترب من عدن. الآن تقف الجزيرة العربية في موقع مفصلي في تاريخها، فإما أن تستكمل إيران كماشتها حول