المشاركات

عرض المشاركات من يوليو, ٢٠٢٠

ما بعد آيا صوفيا.. التغيير الحاسم قبل المواجهات الكبرى

على الرغم من الاستعدادات المبكرة وتوقع الجماهير الغفيرة فاجأت الأعداد الضخمة التي شهدت صلاة الجمعة الأولى في آيا صوفيا حتى بلدية إسطنبول نفسها ما اضطرها إلى توجيه نداء لمواطنيها بالتوقف عن التدفق نحو المسجد بعد أن امتلأت قاعات الصلاة داخل المسجد وساحاته والميادين الخمسة التي خصصت للصلاة حوله، حسب بعض التقديرات وصل عدد المصلين إلى 350 ألف مصل قدموا من مختلف أنحاء إسطنبول ومن خارجها في شهادة واضحة على رمزية هذه اللحظة التاريخية دينياً وثقافياً وسياسياً بالنسبة للأتراك على اختلاف مواقفهم السياسية. لم يقتصر الترحيب بالقرار على حزب الرئيس ومؤيديه بل امتد إلى أبرز خصومه، بدءً برفقاء الأمس مثل أحمد داوود أوغلو وعبدالله غل وانتهاء بمحرم إنجه المرشح السابق للرئاسة عن حزب الشعب الجمهوري الكمالي المعارض الذي حضر الصلاة، كما صرحت تانسو تشيلر رئيسة الوزراء السابقة المنتمية للمعارضة الكمالية بأن هذه تمثل لحظة تاريخية للأتراك جميعاً، لا شك أن بعض النخب العلمانية ذات الانتماء الأوروبي أعلنت عن معارضتها للخطوة عبر مقالات ومقابلات نشرت في الصحافة الغربية ولكن الأجواء بشكل عام في الداخل التركي جاءت

الحرب على الحقائق: الانزلاق العالمي نحو الجهل

في روايته الشهيرة 1984 افترض جورج أورويل أن مستقبل الدولة والنظام السياسي سيتضمن إعادة إنتاج للمعلومة عبر وزارة " الحقيقة " وأن هذا الإنتاج سيأخذ صبغة البروبغاندا ولكن ليس من خلال التشكيك بالحقائق بل من خلال استبدال الحقيقة بخلافها، هذا الواقع لمسه العالم خلال الحرب العالمية الثانية والدعاية السياسية النازية والفاشية وكان ذلك دافع أورويل في هذه الرواية وغيرها، ولكن الحرب على الحقيقة استمرت وتجسدت في التعتيم الإعلامي الذي مارسه الاتحاد السوفييتي وثورة ماو الثقافية، ومع انهيار اتحاد الأنظمة الشيوعية أو تبدلها وثورة المعلومات التي رافقت نهايات القرن الماضي ساد اعتقاد أن حجب المعلومة لم يعد خياراً للأنظمة الشمولية ولا غيرها، ولكن الواقع اليوم يروي لنا حكاية مختلفة . مع تصاعد وتيرة انتشار المعلومات وسهولة الوصول إليها تنافست مدرستان في تحليل مستقبل المعلومة، الأولى والتي استعارت من الاقتصاد ممارسات السوق افترضت أن سوق المعلومات سيضبط نفسه، أي أن ثور

الأبعاد السياسية في عودة جامع أيا صوفيا

قبل سنوات زرت كلاً من جامع أيا صوفيا وجامع قرطبة في رحلات مختلفة، في كلتا الزيارتين تملكني نفس الإحساس تكاد تشعر بزوايا المكان تئن بحثاً عن ركع سجود، تشعر بأنين خفي للمبنى الذي ظل مئات السنين يستقبل المصلين وانتهى به الحال معلماً سياحياً أجوف في إسطنبول عادت علامات الكنيسة المطموسة للظهور في المتحف، وفي قرطبة بني مذبح كنسي يتوسط المسجد وكلا المبنيين تنازعتهما هويات سابقة ولاحقة ولكن بغض النظر عن ذلك كله بإمكانك تجاوز كل ذلك الجدل بين التاريخ والسياسة حين تقف أمام المحراب مستحضراً تكبيرات أجيال من المصلين يدخلون تباعاً مستجيبين للأذان يرتفع من مآذن هذه المساجد وفي الحالتين بإمكانك تخيل تلك اللحظات التي توقفت فيها الصلاة وأوصدت الأبواب وكيف كان أثر ذلك في قلوب المسلمين، واحد من هذين المسجدين يعود اليوم ويصدح بالأذان، ونسأل الله أن نعيش لنسمع الأذان من مآذن جامع قرطبة الكبير. وبعيداً عن الجانب الروحي المتعلق بعودة أيا صوفيا جامعاً أود التوقف عند الأبعاد السياسية لهذا القرار، خاصة وأن ردود الأفعال السياسية عليه جاءت متفاوتة ومتوافقة مع السياق السياسي العام ودون ارتباط بالضرورة بانتماء ديني

تحالف الثورات المضادة والتوظيف الفوضوي للأيديولوجيا

دأبت الأنظمة القمعية عبر التاريخ على توظيف الأيديولوجيا في معركتها لقمع المعارضين، وشرعنة العدوان على الدول والكيانات الأخرى، الاتحاد السوفييتي اختار سردية حماية الثورة ودعم المقهورين، والدول الاستعمارية وظفت التبشير ونشر التنوير، والدول الغربية لاحقاً استخدمت شماعة نشر وحماية الديمقراطية والحرية لتحتل دولاً وتقصف الآمنين، وفي عالمنا العربي والإسلامي استخدمت الطائفية الثورية وتصديرها عذراً للمشروع التوسعي لإيران، والقومية العربية لتأسيس جمهوريات عسكرية قمعية، والخطاب العاطفي الإسلامي لدعم نظام قمعي في السودان، كل ذلك يبدو باهتاً أمام الاستحضار الغريب والفج والمتناقض للأيديولوجيا في معسكر الثورات المضادة في صراعاتهم الداخلية والخارجية . بدأ التوظيف الأيديولوجي في معسكر الثورات المضادة باستدعاء خطابين متناقضين لمواجهة الإسلاميين في الداخل والخارج، باستحضار مزيج من الخطاب السلفي المرتبط بالطاعة للحاكم، وتحريم التنظيمات والأحزاب، والخطاب العلماني المتطرف الذي يدعو إلى إ