المشاركات

عرض المشاركات من 2018

ألفان وثمانية عشر، عام الإرهاصات

عام 2018 كان مليئاً بالأحداث التي سيكون لها بلا شك آثار بعيدة المدى سنشهد بداياتها في العام القادم، التطورات التي حدثت في هذا العام تشكل إرهاصات لواقع جديد سياسياً واقتصادياً على مستوى العالم وعلى مختلف الصعد، ومع تزاحم هذه الأحداث يصعب حصرها في مقال واحد ولكننا نتطرق هنا إلى أهم الأحداث التي من الممكن أن تكون بوابة استشراف أحداث العام القادم. نبدأ مع الشأن الفلسطيني حيث حمل هذا العام مجموعة تطورات مهمة على رأسها نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ما كان له آثار متتابعة في ظل الحديث عن صفقة القرن وإمكانية أن ينجح ضغط أمريكي عربي في تقديم تنازل جديد هو الأكبر في تاريخ القضية الفلسطينية، تبع ذلك هرولة خليجية نحو التطبيع كانت بمثابة التنافس لكسب ود البيت الأبيض في ظل الخلافات الخليجية، ومن الجانب الفلسطيني كانت مسيرات العودة هي العنوان الأبرز لردة الفعل على هذه الأحداث، وكل ذلك يشير إلى أن عام 2019 سيشهد معركة سياسية طاحنة بين معسكرين، أحدهما يريد صفقة جديدة لصالح تل أبيب والآخر يريد الحفاظ على ما يمكن حمايته من المكتسبات الفلسطينية، وفي هذه الأثناء اضطرت حكومة نتنياهو إلى الإعلان عن ان

هل من ربيع جديد؟

بدأ أصحاب السترات الصفراء موجة جديدة من الاحتجاج عالمياً حول الأوضاع المعيشية، التطورات الاقتصادية وتلك المرتبطة بالتوترات السياسية والاجتماعية في مختلف دول العالم تحولت سريعاً من الغليان إلى الانفجار، في معظم هذه الدول وخاصة المستقرة منها سينتهي الأمر إما بإصلاحات محدودة كما يحدث في فرنسا أو بأن ينتهي الأمر كما بدأ دون تغيير سوى بعض التنفيس الشعبي للأزمات السياسية، حتى الآن يبدو أن هناك دولتان عربيتان اشتعلت فيهما المظاهرات، الأردن والتي تنتظم فيها مظاهرات مطالبية كل خميس منذ فترة وثم السودان التي اشتعلت فيها المظاهرات بشكل خاص بعد زيارة البشير للأسد رغم عدم وجود ارتباط مباشر بين الحدثين، ولكن هل تشير هذه الأحداث إلى موجة جديدة من المطالبات بالإصلاح في المنطقة؟ أو بلفظ آخر هل نحن أمام ربيع عربي ثان؟ موجة الربيع الأولى جاءت كذلك نتيجة لتظاهر بدأ عفوياً في تونس وامتد عبر العواصم العربية محدثاً زلازل سياسية عبر المنطقة لينتهي بالثورات المضادة والحروب الأهلية، اليوم تبدو الأجواء في السودان مهيأة للتغيير خاصة وأن الحكومة اختارت قمع المظاهرات لتظهر الصور مشابهة لتلك التي انتشرت إبان

سراب الخليج

منذ يومه الأول كان مجلس التعاون الخليجي محدود الفاعلية لأسباب عديدة، منها الخلافات بين أعضائه وطبيعة الأنظمة السياسية في المنطقة ومحدودية أدواته، ولكن على الرغم من ذلك بقي المجلس ليكون كما قال سمو أمير الكويت آخر معاقل العمل العربي المشترك، وعلى الرغم من الإخفاقات السياسية المتكررة للمجلس، نجحت الشعوب الخليجية في تحقيق الإنجاز الأكبر للمجلس من خلال تشكل هوية خليجية ثقافية اجتماعية، من الأغاني والأهازيج إلى الإنتاج البرامجي المشترك والمناهج الموحدة كانت الشخصية الخليجية حاضرة، أفرز وجود هذا البناء الخليجي تعزيزاً للترابط الاجتماعي الموجود أصالة ووفر غطاءً هوياتياً للخليجيين يعرفون أنفسهم به في مواجهة الآخر وعاملاً مشتركاً يجعل الخليجي مستشعراً وجوده في وطنه أينما ذهب في حدود الدول الست، نتفق أو نختلف حول طبيعة هذه الهوية ولكن لا شك أن وجود المجلس دعم تشكلها. اليوم يواجه المجلس التحدي الأكبر ولكن ليس الأول في تاريخه، الخلافات بين أعضائه عصفت بالمجلس مرات عديدة ولكنها لم تصل يوماً إلى حد تجاوز الرسمي إلى الشعبي وتوظيف المجلس وأدواته في الصراع كما هو الحال اليوم، في القمة السابقة ضرب

قطر بين الانسحاب من أوبك وقمة التعاون

أعلنت دولة قطر على لسان وزير الدولة لشؤون الطاقة سعد بن شريدة الكعبي أنها أبلغت منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك قرارها الانسحاب من المنظمة، القرار حسب الوزير فني وليس سياسياً، ولكن لا يمكن تجاهل البعد السياسي لـهكذا قرار في ظل استمرار الحصار على قطر والضغط الأمريكي على الرياض لرفع الإنتاج وبالتالي خفض أسعار النفط عالمياً، كما يأتي الإعلان عن هذا القرار قبل أيام قليلة من انعقاد القمة الخليجية الثانية بعد بدء الحصار والتي يبدو أكثر وأكثر أنها لن تتضمن أي تقدم لا على مستوى ملف الأزمة أو غيره، كل ذلك يجعلنا نتساءل عن إستراتيجية قطر في المرحلة المقبلة في ظل قرارها الانسحاب من أوبك. ما هي مشكلة أوبك؟ بكل بساطة لم تعد المؤسسة التي أنشئت عام 1960 في بغداد لتواجه نفوذ شركات النفط الأمريكية وتحولت لاحقاً إلى المهيمن الأكبر على أسواق النفط العالمية مؤثرة بشكل كبير على الساحة مع فقدانها التزام الأعضاء بتنفيذ القرارات المتعلقة برفع أو خفض الإنتاج، بدا ذلك واضحاً بشكل صارخ مع التطورات الأخيرة التي نتجت عن مطالبة الرئيس الأمريكي خفض أسعار النفط واستجابت الرياض التي تواجه تداعيات اغتيال خاشقجي عبر

هل تبقى لجيلنا أحلام؟

كما سبقه من الأجيال، مر جيلنا بما يكفي من الاخفاقات والاحباطات لتمسح عن الوجه بسمة الأمل، استيقظنا على غزو الكويت، لنتحول من حلم آبائنا العربي الى حلم خليجي ثم أمسينا على تبدده مع بيانات منتصف الليل، وعوض أن يكتمل الاحتفال بسقوط الاتحاد السوفييتي على يد الأفغان عشنا مأساة هذه البلاد من اقتتال المجاهدين الى احتلالها وتدميرها مرة ثانية، عشنا سقوط بغداد، ودمار ليبيا وخراب سوريا، وتمزيق اليمن، وما زلنا نعيش لنشهد المزيد من الآلام والاحباطات، لذا يبدو السؤال مشروعاً، هل تبقى لجيلنا أحلام؟ توسط العمر بجيل الطفرة، الذي نشأ في الخليج مستقبلاً الرفاهية والتطور على مختلف الصعد، لم يعش هذا الجيل كدر الحاجة التي عاشها الآباء، وللطفرة وهج يغطي على التحديات الحقيقية، اليوم أصبحت هذه التحديات أقرب مع خلافات الخليج وانخفاض أسعار النفط وتنامي الفوضى من حولنا، لا تكاد تهدأ أزمة حتى تبدأ الأخرى ولم يعد الخليج واحة الاستقرار في محيط مضطرب، بعد الحديث عن العملة الموحدة والاتحاد الخليجي أصبح السؤال اليوم، هل سيبقى لأبنائنا خليج واحد؟ الصورة في الحقيقة تبدو قاتمة، وأحلام الجيل الذي ولد في ثمانينيات ال

ترمب بين حرائق كاليفورنا وحرائق الرياض

تواجه الإدارة الأمريكية اليوم تبعات حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا، التي تشكل تحدياً للإدارة، التي قللت الإنفاق في مجال مواجهة مثل هذه الحرائق ومسبباتها، ولكن وحتى وهو يقوم بجولة للاطلاع على آثار الدمار في كاليفورنيا تلاحق ترامب الأسئلة حول الحريق الجديد الذي أشعلته الرياض، والذي لا يبدو أنه سينطفئ قريباً، جريمة اغتيال خاشقجي، تطور الأحداث في قضية خاشقجي رحمه الله يضيق الخناق أكثر وأكثر على الرياض وعلى واشنطن، كل السيناريوهات التي تعامل بها الأمريكيون مع الموقف لمحاولة دفن القضية أو تجاوزها أو على الأقل إبعاد ولي العهد السعودي عنها باءت بالفشل، وأخيراً تسربت إلى وسائل الإعلام نتائج تقرير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية والذي يقطع الشك باليقين أمريكياً في أن ولي العهد السعودي هو المسؤول عن مقتل خاشقجي، طبعاً بعد ذلك مباشرة ظهرت ثلاثة تصريحات، ترامب صرح أولاً وخلفه مشهد الدمار الناتج عن حرائق كاليفورنيا بأنه من «الممكن» أن يكون بن سلمان مسؤولاً ولكن الوقت مبكر لاستنتاج ذلك، حيث سيتلقى تقريراً نهائياً خلال يومين حول القضية التي تحولت لحريق سيلتهم المتورطين كما التهمت الحرائق الو

تطبيع التطبيع!

خلال العقود الأخيرة كلما تفاقمت الخلافات العربية العربية تحصل ظاهرة عجيبة، عوض السعي لحل خلافاتهم تهرع الحكومات العربية نحو تل أبيب والتطبيع المجاني مع الكيان الصهيوني، طبعاً ليس حباً في الكيان حصراً ولكن طلباً لود واشنطن التي تضع التطبيع مع الكيان أساساً لأي دعم سياسي تقدمه لصالح هذا الطرف أو ذاك، الصهاينة من ناحيتهم يحققون أهدافهم في تجاوز الحواجز مع جيرانهم واختراق الصف العربي أكثر، وفي النهاية لا يحصل المطبعون على الدعم الذي يريدون ولا يحافظون على موقفهم الأخلاقي. أزمات اليوم ليست بعيدة عن هذا الواقع فها نحن نشهد السلام الوطني الصهيوني يعزف في عواصم المنطقة وعلمهم يرفع في محافلها ووفودهم تشارك في مؤتمراتها وحتى رئيس وزراء الكيان تمر طائرته عبر أجواء المنطقة بسلام لتحط في إحدى مطاراتها بينما يمنع الأشقاء طائرات أشقائهم من مجرد التحليق عبر أجوائهم، ولكن المقلق بالنسبة لي ليس التطبيع الرسمي فعلى مر السنين سقطت ورقة التوت عن الجميع، ما يثير القلق هو هذا الاتجاه الجديد الذي بدأ يكتسب زخماً يبرر للتطبيع أو لا يجد فيه مشكلة حقيقية، تارةً بدعوى إبعاد الرياضة والثقافة والفن والتعليم و

ثلاثية نوفمبر الأمريكية

يتخلل شهر نوفمبر ثلاثة أحداث رئيسية ستؤثر بشكل مباشر على إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، يأتي على رأسها الانتخابات النصفية التي ستحدد مصير أحد مجلسي الكونغرس على الأقل، ثم العقوبات على إيران والتي تمثل الساعة صفر في بداية الحملة الأمريكية على نظام طهران ثم قافلة المهاجرين التي تنطلق من مختلف دول أمريكا الوسطى متجهة نحو الحدود الأمريكية، هذه الأحداث الثلاثة منفردة ومجتمعة سترسم شكل العامين المتبقيين من فترة ترمب الأولى. الانتخابات النصفية والتي تقام بعد عامين من الانتخابات التشريعية والرئاسية التي تقام كل أربعة سنوات في الولايات المتحدة تكون عادة فرصة مناسبة للناخب الأمريكي لمعاقبة من انتخب على ضعف أدائه لذلك في كثير من الأحيان ينجح حزب الأقلية في تعزيز حضوره من خلالها، في هذه الانتخابات تشير الاستطلاعات إلى احتمالية عالية لسيطرة الديموقراطيين على مجلس النواب، وهو الغرفة الأدنى في الكونغرس، بينما لا يتوقع أن يستفيدوا في مجلس الشيوخ بل على العكس سيخسرون غالباً بعض مقاعدهم، وفي حال نجح الديموقراطيون في حيازة الأغلبية في مجلس النواب فسيمثل ذلك تحدياً قاسياً أمام أجندة الرئيس التشر

الخليج وإيران بعد 40 عاماً

حضرت خلال هذا الأسبوع ندوة مغلقة لمجموعة من الأكاديميين والمثقفين، تناقش حاضر ومستقبل إيران مع مرور 40 عاماً على انطلاق الثورة التي مهدت الطريق لتشكل النظام الإيراني بشكله الحالي، منذ 1979 تحولت إيران تحولاً جذرياً من شرطي الولايات المتحدة في المنطقة، ومن دولة ملكية رأسمالية بثقافة استهلاكية عالية مشابهة للنموذج الخليجي اليوم إلى دولة أيديولوجية شمولية بخطاب طائفي عنيف وامتداد يتجاوز حدودها وبشكل لا يتوافق حتى مع مصالحها أحياناً. في الندوة التي ذكرت كان الحضور خليطاً من العرب والخليجيين والإيرانيين وبعض الغربيين الذين استعرضوا وجهات نظرهم حول النظام الإيراني ومستقبله في ظل العقوبات الأمريكية الجديدة والواقع المضطرب في المنطقة، وحيث إن الكلمة التي كنت معنياً بتقديمها كانت حول الخليج وإيران، حاولت أن أؤكد على مجموعة أفكار رئيسية، الفكرة الأولى هي أن المشروع التوسعي الإيراني ليس مشروعاً أيديولوجياً صرفاً وليس وليد ما يسمى بالثورة الإسلامية، بل هو امتداد طبيعي لصراع الهيمنة الإقليمية في منطقة الخليج منذ مئات السنين، فكل حكومة مركزية اتخذت من إيران كلها أو جزء منها مقراً لها حاولت الام

الأمن والسيادة معادلة صعبة أمام التحولات الإقليمية

تركيا والسعودية وإيران دول ذات قدرات عسكرية واقتصادية تمكنها من ممارسة الهيمنة إقليمياً في اليمن والخليج وسوريا والعراق وفلسطين ولبنان نجد نقاط تقاطع مختلفة لمصالح الدول الثلاث المهيمنون الثلاثة يواجهون تحديات وجودية ليست متساوية في الخطورة التحديات واقع ماثل نتائجه ستشكل هوية المرحلة القادمة إقليمياًّ بالإمكان تقسيم دول العالم إلى ثلاثة أصناف، دول تمارس هيمنة عالمية، وأخرى تمارس هيمنة إقليمية، ودول تحاول المحافظة على سيادتها في ظل تنافس هذه القوى، الولايات المتحدة مثلاً تنافست مع الاتحاد السوفييتي على الهيمنة العالمية وراحت ضحية ذلك العديد من الدول مثل كوريا وفيتنام التي تعرضت لحروب طاحنة نتيجة صراعات القوى العظمى، إقليمياً كان الصراع بين روسيا والاتحاد الأوروبي كفيلاً بخلخلة دول بحجم أوكرانيا وإثارة قلاقل في جورجيا، وفي منطقتنا العربية جاء مزيج التنافس الإقليمي والدولي ليشكل خريطة المنطقة بعد الحرب العالمية الأولى والثانية ومازال هذا التنافس ينتج تفاعلات في موازين القوى يروح ضحيتها ملايين البشر، واليوم يبدو أننا مقبلون على واقع إقليمي جديد تتكشف صورته أكثر يوماً بعد يوم.

أنقرة والرياض وواشنطن وتفاعلات قضية خاشقجي

تفاعل المجتمع الدولي بشكل متصاعد مع قضية اختفاء الإعلامي السعودي المعارض جمال خاشقجي، التكهنات بمقتله أصبحت أقرب للواقع مع تكشف مزيد من الأدلة بشكل يومي تؤكد تصفيته داخل القنصلية، وفي خضم تداعيات الحدث هناك مثلث علاقات تطرأ عليه تغيرات شبه يومية، هذا المثلث يضم كلاً من أنقرة والرياض وواشنطن، العلاقة بين الأطراف الثلاثة معقدة، فأنقرة وجدت نفسها في مواجهة مباشرة مع واشنطن في سوريا بسبب دعم الأخيرة القوات الكردية وبسبب استمرار اعتقال القس أندرو برانسون، من ناحية أخرى هناك علاقة معقدة بين أنقرة والرياض فالطرفان يختلفان بشكل جوهري حول ملفات الربيع العربي وعلى الرغم من ذلك كانت هناك محاولات لترميم العلاقة خاصة في شقها الاقتصادي، وعلى الرغم من الخلافات بينهما حافظ الطرفان على مستوى مقبول من الاتصال والتعاون، واشنطن بدورها كانت تعتبر الداعم الأول للعهد الجديد والإصلاحات المفترضة لمحمد بن سلمان ولكن العلاقة تعقدت خلال الفترة الأخيرة مع تكرار ترمب إهانته للرياض في مؤتمراته الانتخابية ومقابلاته، وفي وسط هذا كله جاء اختفاء خاشقجي ليعقد المعقد. أنقرة من ناحيتها وجدت الفرصة سانحة لترميم العل

ماذا يفهم من استهداف خاشقجي؟

إما أن تكون خلف النظام تهتف باسمه وإن جلد ظهرك وسرق مالك وانتهك فكرك وإلا فأنت عدو له وفي مرمى نيرانه التأكيدات تتزايد بأن جمال راح ضحية الكلمة التي قالها ومضى كما نقش على صفحته في موقع التغريد يوماً صانع القرار هناك لا يهمه إلا رأي ساكن البيت الأبيض الذي سينتهي به الأمر بتعبير عن القلق أو مطالبة ناعمة بالشفافية تضاربت الأنباء حول ما حدث للإعلامي السعودي ذي الشهرة العالمية جمال خاشقجي، فالمدير العام السابق لقناة العرب الإخبارية التي سارعتها المنية فور بثها ورئيس تحرير الوطن السعودية لمدة 52 ، كان شخصية جدلية بتوازنه، جمال لم يكن "حكومياً" مطلقاً ولا معارضاً صريحاً، كان صاحب رأي يطرحه بتحفظ وكياسة، استطاع جمال أن يحافظ على هذا الموقف المتوازن منذ بداياته الصحفية في ثمانينيات القرن الماضي حتى مطلع العهد الحالي،  لكن صانع القرار السعودي اليوم أصبح يضيق لا بالمعارض فحسب،  بل بالصامت وحتى بالمؤيد غير المتحمس، فإما أن تكون خلف النظام تهتف باسمه وإن جلد ظهرك وسرق مالك وانتهك فكرك وإلا فأنت عدو له وفي مرمى نيرانه. كان لجمال نصيب من الحوارات الساخنة في بلاده في تسع

الأزمة الخليجية، هل من جديد؟

- قطر تجاوزت التأثيرات السلبية للأزمة لكنها تسعى لحلها حرصاً على المصالح الخليجية المشتركة - فرصة نادرة لأن يجلس وزراء خارجية قطر ودول الحصار على طاولة واحدة وإن لم يكن موضوع الأزمة حاضراً - غياب اجتماعات للرباعية في نيويورك وحتى قبلها وضعف درجة التنسيق في التصريحات مقارنة بما حدث العام الماضي - لن تقوم واشنطن بممارسة ضغط حقيقي على الرياض أو أبوظبي ما لم يكن هناك موقف أقل تصلباً تجاه حل الأزمة هناك من على منصة الأمم المتحدة، جاء خطاب سمو الأمير الثاني خلال الأزمة الخليجية والسادس منذ توليه حكم البلاد، متوافقاً مع ما سبقه من خطابات من حيث البنية الموضوعية، ولكنه بلا شك كان مختلفاً من حيث النبرة، فبعد أن جاء خطاب العام الماضي ليضع أمام العالم الانتهاكات التي تعرضت وتتعرض لها قطر نتيجة حصار الأشقاء، جاء خطاب هذا العام ليقول إن قطر تجاوزت هذه الأزمة أقوى مما كانت عليه وباتت تنظر للمستقبل، واضعة الحصار في زجاج المرآة الخلفية، ولكنها لا تغفل خطورة الأزمة للأمن والتنمية في الإقليم، ولذلك جاء الحديث عن الأزمة الخليجية في إطار خليجي صرف، حيث أكد سموه على التأثير السلبي لهذه الأزمة على صور

ماذا حدث في الأحواز

العملية العسكرية التي استهدفت عرضاً عسكرياً في الأحواز أثارت العديد من التكهنات حول مرتكبيها ومن يقف خلفها، والأهم من ذلك هو كيف سيتم توظيفها من قبل النظام في إيران وخصومه، حتى الآن يصر الإيرانيون على أن الهجوم يقف خلفه أطراف خارجية تتمثل في خصوم إيران وتحديداً الولايات المتحدة وإسرائيل و"دولتان خليجيتان" لاشك أنه يقصد بهما السعودية والإمارات، وليس هذا غير متوقع فبغض النظر عن المنفذين ودوافعهم تقتضي مصلحة النظام رمي الأمر على أطراف خارجية وخاصة هذه الأطراف، من الناحية الأخرى الولايات المتحدة وحلفاؤها في الحرب المرتقبة والمفترضة مع إيران لميدينوا العملية ولم يباركوها بالضرورة مع تحميلهم المسؤولية للنظام، وهذا كذلك ليس مستغرباً فهو متناسق مع مواقف هذه الدول من النظام الإيراني،ولكن حجم هذه العملية الاستثنائي وتوقيتها المدروس، أي على أعتاب تطبيق العقوبات الأمريكية الشهر القادم وقبل أيام من خطاب روحاني في نيويورك يدعو إلى التكهن بأنها ليست عملية معزولة أو بتنظيم المجموعات المسلحة التي ادعت المسؤولية عنها. لو افترضنا لأغراض التحليل السياسي أن ثمة عملاً استخبارياً يقف خلف هذه

محيط من الفشل

يستخدم السياسيون والمختصون في مجالات العلوم السياسية والاقتصاد والتنمية بشكل متنام مصطلح "الدول الفاشلة"، وهو مصطلح يختلف بشكل كبير في تعريفه، فبين من يستخدمه لوصف حالة الانهيار الكاملة والحرب الأهلية ومن يربطه بالقرب أو البعد عن المقاييس الديموقراطية للحوكمة، وبكل حال فإن الجميع يتفق على أمر بسيط، الدول يمكن أن توصف بأنها فاشلة إذا لم ينطبق عليها مقياس ابتدعه ماكس ويبر في تعريفه للدولة وهو "احتكار الاستخدام المشروع للقوة"، وبالتالي حين تفقد الدولة قدرتها على تنظيم "استخدام القوم" بشكل شامل تفشل في أداء مهمتها الأساسية. هناك مقاييس عديدة تم تطويرها عالمياً لقياس "فشل" الدولة، على رأسها تصنيف وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية لانعدام الاستقرار السياسي، هذا المقياس يعتبر ناجحاً في تحديد الدول الفاشلة، ولكنه لا يمثل أداة جيدة في تحديد الدول التي تتجه للفشل أو الفاشلة جزئياً، حيث يعتمد على مقاييس لقدرة الدولة على ممارسة أدوارها بشكل كامل، هناك كذلك مقياس الدول الهشة الذي يصدره صندوق السلام الأمريكي، والذي يوظف عددا كبيرا من المعايير التي تشم

الإبادة السياسية هي السبب الأول للوفاة غير الطبيعية في العالم

كلما ظهرت موجة ثورية أو حركة إصلاحية كانت المشانق لها بالمرصاد الحكومات العسكرية والانقلابات المتلاحقة مشغولة بإعدام المواطنين أكثر من بناء الوطن الرياض تطبق ذات السياسة التي انتهجتها جمهوريات القمع العربي الأنظمة المتأرجحة تنفث نيرانها الأخيرة عبر هذه الإعدامات المرتقبة  آر جي رومل كان باحثاً أكاديمياً متميزاً أفنى حياته العلمية في التنقيب في بيانات العنف والحروب للتعرف على جرائم البشرية، من أهم إنجازاته الفكرية ابتداعه لمصطلح "ديموسايد" الذي يعرفه رومل على أنه القتل المتعمد لأشخاص عزل من قبل وكلاء النظام الحاكم بناء على تفويض السلطة وفي إطار تنفيذ سياسات حكومية أو قرارات من القيادة، من الممكن أن نطلق عليه بالعربية مصطلح "الإبادة السياسية" حيث استخدمه رومل ليكون أشمل من مصطلح "جينوسايد" وهو الإبادة الجماعية التي تختزل في عمليات القتل التي تستهدف فئات عرقية أو جماعات محددة للتأثير على تركيبتها الاجتماعية أو السياسية، وبهذا التعريف تمكن رومل من جمع كل أنواع القتل الذي تمارسه الحكومات خارج إطار الحروب ومعاركها، كان هدف رومل من تشكيل هذا المصطلح هو

الدولار أصدق أنباء من الكتب

لو اعتمدت أمريكا على القوة العسكرية فقط لفرض هيمنتها لخاضت عشرات الحروب وخسرتها الولايات المتحدة ستفقد احتكارها للهيمنة عالمياً نتيجة غطرسة الإدارة الحالية أمام دول العالم فرصة للاعتماد على الذات والخروج من تحت الرحمة الأمريكية الهيمنة السياسية ليست نتاجاً للقوة الصلبة فحسب، تلك القوى التي هيمنت وبادت أو ما زالت، اعتمدت في فرض هيمنتها على أمور عديدة، يأتي في مقدمتها طبعاً سلاح الردع العسكري، ما يكفي من القوة العسكرية ليعرف العالم أن هذه الدولة قادرة على الدفاع عن نفسها أو حلفائها إذا ما استدعت الحاجة، ولكن ذلك لا بد أن يتبعه عوامل أخرى وعلى رأسها المال، الهيمنة لها رسوم لابد أن تدفع، هذه الرسوم تأتي على شكل مساعدات، أو مساهمات استثنائية حجماً في اقتصادات الدول الأخرى ودعم مباشر وغير مباشر للدول التي تريد الهيمنة عليها، لذلك تجد أن القوى العالمية والإقليمية تدفع فاتورة القوة هذه والتي تكلف ميزانيات هذه الدول الشيء غير القليل. الولايات المتحدة في إطار هيمنتها الدولية المنفردة تقريباً منذ انهيار الاتحاد السوفيتي اضطرت إلى دفع المليارات عبر برامج المساعدات العسكرية منها وغير العسك

هل يعزل ترامب؟

- من غير الوارد أن تتجه الأحداث سريعاً نحو عزل الرئيس الأمريكي - واشنطن ستحتاج لسنوات عدة حتى تستعيد عافيتها المؤسسية - ترمب شخصية نرجسية وانفعالية يتوقع أن تزداد تصريحاته خشونة وتقل العقلانية في قراراته - حرب هنا أو هناك بإمكانها توفير غطاء لترمب - الرئيس الأمريكي اليوم في وضع لا يحسد عليه في مقابلة تلفزيونية أجريت معه بعد إدانة محاميه الخاص ومدير حملته الانتخابية السابق علق الرئيس الأمريكي بأنه لا ينبغي لشخص يقوم بعمل عظيم أن يلاحق بهذا الشكل وأنه لو عزل فستنهار الأسواق وسيصبح الكل فقيراً، في اليوم التالي قال محاميه وعمدة نيويورك السابق روديو جولياني إن عزل ترمب سيؤدي لأن يثور الشعب، هذه التصريحات تبدو وكأنها صادرة من أركان نظام شمولي على وشك أن يسقط، وتذكرنا كعرب بشكل كبير بتصريحات القادة المخلوعين إبان الربيع العربي، وفي حقيقة الأمر فلو كان الأمر لترمب لحول واشنطن إلى عاصمة عربية، فكما قال لي باحث أمريكي بعد تولي ترمب الرئاسة بأشهر قليلة "طموح ترمب هو أن يصبح ملكاً عربياً". جاءت تصريحات ترمب ومحاميه تلك بعد إصدار محكمتين في الولايات المتحدة أح

عالم بلا بيت أبيض

بدأت تظهر معالم سياسة دولية لا تهيمن عليها واشنطن بالضرورة فهناك تراجع أمريكي مستمر في الساحة الدولية منذ عقد تقريباً ساكن البيت الأبيض يسمى عرفاً "قائد العالم الحر" فهل سيتحرر العالم من قائده؟ قلت في مقال سابق أن ترمب جعل العالم يخوض دورة تدريبية شاقة استعداداً لعالم ما بعد الهيمنة الأمريكية، بعد الانسحاب الأمريكي الدبلوماسي في فترتي أوباما وتصرفات ترمب غير المتوقعة تجاه حلفاءه وأعداءه بدأت تظهر معالم سياسة دولية لا تهيمن عليها واشنطن بالضرورة، لا شك أن الولايات المتحدة تبقى القوة الكبرى عسكرياً وذات التأثير الأكبر في المجتمع الدولي ولكن لا شك أن وضعها وتأثيرها اليوم لا يشبه ذاك الذي كان عليه في تسعينيات القرن الماضي حين كان لا حل لأي أزمة في العالم إلا عبر بوابة البيت الأبيض. في اتصال هاتفي بين ماكرون وأردوغان أعرب الرئيس الفرنسي عن استمرار الدعم الفرنسي لتركيا واهتمامه باستقرار تركيا، بطبيعة الحال ليس ذلك إلا استغلالاً للأزمة بين أنقرة وواشنطن التي افتعلها ترمب دون سبب واضح، فرنسا التي تطمح أن تسترجع موقعها العالمي لا تمانع في إظهار موقف مناقض لواشنطن في هذه الق

بين الدوحة وأوتاوا... معالم دبلوماسية الابتزاز

استهلت السعودية منذ بداية عهدها الجديد نهجاً دبلوماسياً جديداً مختلفاً عن ما عرفت به سابقا، كانت المملكة دائماً تلعب لعبة الدبلوماسية الدولية عبر توظيف قوتها الناعمة وتأثيرها لدى القوى العالمية والإقليمية لتحقيق أجندتها، اليوم تتحرك السعودية بسياسة صلبة ولكنها غير مدعومة بمتطلبات هذه الصلابة، تستنفد السعودية اليوم رأس مالها السياسي لدى العديد من الدول، التي طالما نجحت بدفعها نحو أجندتها باستخدام العطاءات المادية والمعنوية، عبر الابتزاز المباشر، من الدوحة إلى بيروت وعواصم أفريقية وآسيوية عدة وانتهاءً بأوتاوا تنشر الرياض انطباعاً بأنها غير معنية بأعراف الدبلوماسية الدولية ولا بالمصالح الاستراتيجية لها أو لحلفائها، هذه السياسة سيكون لها تبعاتها ليس على الرياض وحسب ولكن على منظومة العلاقات بين المنطقة والعالم. النزاع مع كندا يمثل منعطفاً خطيراً بالنسبة للرياض، فالغرب بشكل عام معتاد على طبيعة النزاعات العربية العربية كما اعتاد على توجيه رسائل لا يسمع لها حيال حقوق الإنسان، الجديد هو أن الرياض تريد أن تمارس نفس الابتزاز الذي مارسته على قطر ولبنان وغيرهما في نزاعها المفتعل مع كندا، وه

انتصاراً للعلوم الاجتماعية

عند حلول الأزمات نهرع لمن يستطيع أن يفسر لنا ما يجري حولنا من أحداث الاجتماعيون هم الأقدر على وضع الإنجازات المادية للحضارة في سياقها الطبيعي دراسات الرأي العام والدراسات التطبيقية الاجتماعية مفيدة بشكل بالغ في تصميم السياسات العامة نحن بحاجة إلى علوم اجتماعية تبني المجتمع ومجتمع مدرك لأهميتها أذكر أنني سألت مرة أحد أساتذة العلوم السياسية العرب، كيف نشجع الطلاب على دراسة العلوم الاجتماعية؟، فكانت إجابته المازحة أنه يجب ألا نشجعهم، لأننا بذلك نحكم عليهم بحياة من الفقر، بطبيعة الحال كانت هذه مبالغة من الأستاذ، ولكنه كان يقصد بها أن العلوم الاجتماعية ليست "مربحة" بلغة عالم الأعمال، ففي مجتمعات السوق المفتوح تكون الأفضلية للتخصصات الطبية والهندسية والقانونية والتجارية، وتبقى الفنون والتخصصات الاجتماعية في أسفل القائمة، وإذا كتب لك زيارة جامعة أمريكية حيث تعتمد الجامعات بشكل كبير على تمويل القطاع الخاص ستجد أبسط المباني من نصيب أقسام العلوم الاجتماعية، أما إذا حضرت المؤتمرات العلمية فمؤتمرات العلوم الاجتماعية تكون فقيرة مقارنة بالمؤتمرات الطبية التي تمولها ال

حلم ترامب الخليجي

ترامب يرى في الخليج الحساب الجاري الذي يمول مشاريعه الخلافات المتزايدة بين حلفاء واشنطن صعبت على البيت الأبيض مهامه في المنطقة الكل بطبيعة الحال سيقول لواشنطن "نحن جاهزون للمشاركة، ولكن...." منذ وصول الرئيس الأمريكي إلى السلطة تكشفت أحلامه الكثيرة، ونقول هنا "أحلام" لأن معظمها لا يستند إلى رؤية واقعية منطلقة من معطيات السياسة الدولية، هي أحلام يعتقد ترامب أن شخصيته الاستثنائية قادرة على إنجازها باعتباره "صانع صفقات"، كان لديه حلم أن ينهي الطموح النووي الكوري الشمالي، كان يحلم بإيران خاضعة، وروسيا متعاونة، كان يريد صفقة القرن أن تمر دون أدنى مشكلة، وفي الخليج كان ترامب يريد خليجاً متوافقاً على خدمة مشاريعه، يدفع لتمويلها مالاً وجنوداً وعتاداً، كان ترامب يرى في الخليج الحساب الجاري الذي يمول مشاريعه والعصا التي يؤدب بها "المارقين" في المنطقة، وكما هي أحلامه الأخرى، سمعنا الكثير من الجعجعة دون حبة طحين واحدة تلوح في الأفق. تبدو أحلام ترامب معطلة، كوريا الشمالية اليوم وعلى الرغم من القمة التاريخية بين رئيسها وترامب عادت إلى ممارساتها الق

أيهما أولاً الوعي السياسي أم التجربة السياسية؟

أذكر أني قبل أعوام كتبت مقالاً حول أهمية أن يسبق الوعي السياسي التجربة الديمقراطية مدعياً فيه أنه لا يمكن لتجربة ديمقراطية أن تنجح دون أن يكون هناك حد أدنى من الوعي السياسي لدى الناخب والمرشح ليدعمها، بعدها بأيام خضت نقاشاً مع أحد أساتذة العلوم السياسية حول المقال أبدى فيه اعتراضه على الفكرة، فمن وجهة نظره لا يمكن أن يتشكل الوعي السياسي إلا من خلال تجربة سياسية، اليوم أجد نفسي أقرب لهذا الرأي وإن كانت وجهتا النظر تحملان وجاهة. في قطر هناك ترقب كبير لانتخابات مجلس الشورى، التي أعلن صاحب السمو أمير البلاد خلال خطابه الأخير أمام مجلس الشورى أنه وجه حكومته للإسراع في عرض قانونها على المجلس، هذا الترقب أطلق باب الحوار حول جاهزية المجتمع للديمقراطية، هل الناخب القطري جاهز لاختيار المرشح الأمثل من خلال برنامج انتخابي لا من خلال القبيلة أو المجاملة الاجتماعية؟ وهل هناك مرشحون يمتلكون ما يكفي من الخبرة والدراسة للقيام بواجب التشريع؟ لا شك أن غياب الحياة السياسية عن قطر سابقاً لم يوفر ما يكفي من الفرص لتشكل هذا الوعي الجمعي وإن كانت هناك درجات متفاوتة من الوعي السياسي في المجتمع، التي تعززت