المشاركات

عرض المشاركات من مارس, ٢٠١٨

من موسكو مع التحية

أكتب هذه الكلمات، وأنا أطل من نافذة غرفتي على مبنى الكرملين في العاصمة الروسية موسكو، حيث أشارك مع وفد أكاديمي قطري، يجري مجموعة من اللقاءات على هامش زيارة سمو الأمير للرئيس الروسي بوتن، تأتي هذه الزيارة في ظل تقدم العلاقات الروسية القطرية منذ بداية أزمة الحصار، وقبل أيام قليلة من لقاء سمو أمير قطر بالرئيس الأميركي، وعلى الرغم من الخلافات القطرية الروسية الواضحة حول بعض الملفات الإقليمية، وخاصة ما يجري في سوريا، والجرائم التي يشارك فيها الجيش الروسي هناك، فإن الدوحة تسعى -على ما يبدو- إلى تحقيق توازن استراتيجي بين روسيا والولايات المتحدة، خاصة مع تذبذب مواقف إدارة ترمب وسابقه، وارتفاع وتيرة النفوذ الروسي في المنطقة العربية. في جلساتنا مع بعض المسؤولين والأكاديميين هنا، لاحظنا أن هناك فهماً مختلفاً لما يجري في المنطقة العربية، وهو ليس بالضرورة مقنعاً لمراقب من الداخل، ولكن يمكن فهمه في إطار المنظور الروسي حول محاولة الغرب -والولايات المتحدة خاصة- لمقاومة النفوذ الروسي وتمدده، وفي واقع الأمر هناك خلاف بين المؤسسات الرسمية الروسية من الحرب في سوريا، حيث تعتبر المؤسسة العسكرية الداعم ال

عباس بين المطرقة والسندان

الرئيس الفلسطيني محمود عباس وجد نفسه في موقع غاية في الصعوبة خلال الأشهر الأخيرة، مقارب لحال سلفه في نهايات عهده، مستوى التنازل المطلوب منه أميركياً فوق مستوى قدرته، وعليه ضغط عربي لاتخاذ مواقف لا تتوافق مع مصالحه، ولا مصالح حزبه، أميركياً مطلوب من عباس الموافقة على التنازل عن القدس علناً، وعدم التصالح مع حماس، واستمرار التنسيق الأمني، عربياً -ومن السعودية والإمارات تحديداً- مطلوب منه المشاركة في خنق قطاع غزة وحركة حماس، والتماهي مع إدارة ترمب ومشروعها للسلام، بالإضافة إلى التماهي مع مشروع السعودية والإمارات في المنطقة العربية، ومن ذلك العلاقة مع قطر وتركيا وغيرهما، بالإضافة للقبول بتسويق ضمني لدحلان في الساحة الفلسطينية. المطالب التي يواجهها عباس هي غير قابلة للتطبيق بالنسبة له لسببين، الأول أن كمية التنازلات المطلوبة ستفقده أي شرعية داخل فلسطين، والأمر الثاني هو أنها فعلياً تفقده كل حلفائه داخلياً وخارجياً، والمواقف الداعمة للقضية الفلسطينية بشكل عام، لذلك على ما يبدو اختار عباس أن يمسك العصا من منتصفها، فهو تارة يخرج بمواقف حادة ضد الإدارة الأميركية، وتارة ضد حماس، يتواصل مع السعود

ازدحام حول أفريقيا

كان لافتاً تصريح وزير الخارجية الأميركي، خلال جولته الإفريقية، والذي حذّر فيه من انتقال الأزمة الخليجية إلى القرن الإفريقي، وبعد ذلك وفي زيارته لكينيا حذر الدول الإفريقية من «تسليم سيادتها» للصينيين، في إشارة للمشاريع اللامتناهية للصين اقتصادياً وعسكرياً في الدول الإفريقية المختلفة، تيلرسون الذي تقع على عاتقه المهمة الصعبة المتمثلة في المحافظة على النفوذ الأميركي في العالم، في ظل بيت أبيض مصرّ على تخريب علاقاته مع العالم كله، يعلم أن التنافس حول القارة السمراء في تزايد مستمر، والولايات المتحدة التي تتواجد عسكرياً واقتصادياً بشكل كبير في القارة ليست صاحبة النفوذ الأكبر هناك، وبالتالي كانت زيارته هذه للمنطقة محاولة لإعادة إفريقيا إلى سلم الأولويات الأميركية، ومقاومة لنفوذ صيني متنامٍ، بالإضافة لمحاولة ضبط الإيقاع مع الدول الخليجية، وتركيا، ومصر، ولا يبدو أن ذلك تكلل بالنجاح. الخليجيون من ناحيتهم يتنافسون في القارة السمراء، ليس لتحقيق مصالح لبلدانهم فحسب، بل لتصفية حسابات بينية، السعودية والإمارات تحديداً حاولتا تحويل نفوذهما في القارة إلى دعم لحصار قطر، ورغم النجاح الذي حققوه في بادئ

احتضار القارة العجوز

منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008، بدأ وبشكل تدريجي ومضطرد صعود اليمين المتطرف الأوروبي، هذه القوى التي كان ينظر إليها باعتبارها قوى هامشية تنشط في أوساط المتقاعدين وأهل الأرياف، تحولت تدريجياً في كثير من الدول الأوروبية إلى قوى رئيسية فاعلة بتمثيل برلماني مقبول، بل إن بعضها وصل إلى حد المشاركة في تشكيل الحكومات، أو على الأقل تعطيل القرار البرلماني، هذا الصعود أثر حتى على يمين الوسط الذي أخذ تدريجياً في تبني خطاب اليمين المتطرف، سعياً للحفاظ على مكانته، وليس في أوروبا فحسب، بل في الولايات المتحدة التي نقل ترمب فيها اليمين المتطرف إلى البيت الأبيض، وفي الكيان الصهيوني حيث وجدت أحزاب يمينية موغلة في التطرف مثل «إسرائيل بيتنا» مقاعد رئيسية في الحكومة، أما في أوروبا فكانت نتائج صعود هذه الأحزاب محورية للمستقبل الأوروبي، في بريطانيا دفعت الحملة التي قادها حزب الاستقلال البريطاني إلى انتصار معسكر الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، وفي ألمانيا تأخر تشكيل الحكومة لأسابيع، مع فشل الأحزاب التقليدية في تحقيق أغلبية مريحة، ورفض اليسار أول الأمر العمل مع حكومة ميركل، بعد انتقال أجندتها يميناً تح