المشاركات

عرض المشاركات من مايو, ٢٠٢١

هل نشهد عودة للعواصم العربية الكبرى؟

 خلال العقدين الماضيين تفككت البنية الهشة أساساً للنظام السياسي العربي بشكل كبير، فمنذ احتلال العراق ومروراً بثورات الربيع العربي، وأخيراً الموجة الثانية منه، فقدت معظم العواصم العربية الكبرى توازنها، بغداد لم تتمكن حتى اليوم من استعادة سيادتها الداخلية والخارجية بالكامل، دمشق ما زالت تعيش وهم السلطة بعد أن أحرق نظامها البلاد وسلمها للقوى الأجنبية، وقس على ذلك الوضع السياسي في مصر والسودان وليبيا والجزائر، من حيث الجغرافيا السياسية، تمثل هذه الدول الكتل الكبرى العربية، ومعظمها إذا لم تكن جميعها فقدت مكانتها في قيادة القرار العربي. لا يعني الكلام أعلاه أننا قبل عام 2003 كنا نشهد نظاماً عربياً مستقراً وقادراً على اتخاذ قراره بشكل مستقل، على العكس، العديد من الأزمات التي سبقت هذا التاريخ مثل غزو الكويت أثبتت أنه لا توجد منظومة عربية يعول عليها، ولكن الدول المحورية كانت لها أدوار تقليدية مهمة سواء فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أو في إطار الخلافات العربية العربية، أو في التعامل مع الخصوم التقليديين في المنطقة أو الحلفاء الإستراتيجيين خارجها، وعلى الرغم من أن هذا التبعثر العربي مستمر، إلا أ

فلسطين..المعركة والصراع

عمت الأجواء الاحتفالية الأراضي الفلسطينية والعديد من الدول العربية والإسلامية بعد إعلان الحكومة الإسرائيلية وقف عدوانها على غزة إثر تزايد الضغط الداخلي والدولي عليها والإخفاق في توفير مخرج مشرف بعد فشل اقتحام الأقصى والعملية العسكرية في غزة، وما إن هدأت أصوات الاحتفالات حتى عادت سلطات الكيان إلى استهداف المقدسيين والتنكيل بفلسطينيي الداخل في إشارة واضحة إلى استمرار سياسة التصعيد، ومع هذا التصعيد واستمرار المعاناة يأتي السؤال، بماذا احتفل الناس إذن؟ ما تحقق في المواجهة الأخيرة مع العدو الصهيوني هو في النهاية نتيجة معركة واحدة في صراع طويل، هذه حقيقة ينبغي أن تكون حاضرة في أذهاننا جميعاً ونحن نقيم التحولات في ملفات القضية عاماً بعد عام، الانتصارات التاريخية لا تتحقق فجأة، بل تكون حصاداً لسنوات وعقود من العمل نحو تفكيك الضعف ومسبباته وبناء القوة وتعزيزها، المهم هو اتجاه المواجهة، التفاؤل اليوم ليس بأن تكون هذه المعركة هي نهاية الصراع بل بداية النصر، التحول بالمواجهة نحو ارتفاع كفة أصحاب الحق وتوقف الانحدار نحو الهزيمة. حين كنا صغاراً شاهدنا كيف خرج أطفال الحجارة بصدور عارية متلثمين بكوفيا

حصاد الخسائر الإسرائيلية

خلال الأيام الماضية ارتفع عدد الشهداء في الجانب الفلسطيني بشكل ملحوظ، فكما هو متوقع سارع الكيان إلى إظهار وحشيته باستهداف المدنيين من الأطفال والنساء والإعلاميين دون أي اعتبار لاتفاقيات أو عهود دولية أو مراعاة لأبسط مبادئ حقوق الإنسان، وسارع العديد من المرجفين إلى سردية الصواريخ العبثية، معتبرين أن كل ما قام به الشعب الفلسطيني الثائر على الظلم المدافع عن حقه هو عبث، لأنه لم يحقق شيئاً سوى زيادة تعداد الضحايا، ولذلك نسأل ونحاول الإجابة، ماذا خسر الكيان الصهيوني خلال التطورات الأخيرة؟. الهدف الأساسي من الاستفزاز الإسرائيلي في القدس خلال العشر الأواخر من رمضان كان رغبة نتنياهو في تعزيز شعبيته لدى اليمين المتطرف الإسرائيلي من خلال تهيئة الظروف لاحتفالات المتشددين الصهاينة بعيد الوحدة داخل الأقصى، يذكر ذلك بسلوك أرييل شارون الذي اقتحم الأقصى بهدف تعزيز مواقفه السياسية، وكانت الاستجابة الفلسطينية هي انتفاضة الأقصى التي هزت أركان الكيان. الفشل الكامل الذي مني به نتنياهو وحكومته في تحقيق ذلك أدى إلى أمرين، الأول هو سخط متجدد لدى خصوم نتنياهو في اليمين وإضعاف الموقف العام السياسي في تل أبيب، حي

هي القدس

التقيت خلال دراستي الجامعية بأحد المبتعثين الفلسطينيين من عرب الداخل، وبعد فترة من التعارف أسر لي أنه فوجئ باهتمامنا بالشأن الفلسطيني وتوددنا تجاهه، كان يظن حسب تعبيره أن الخليجيين المترفين بعيدون كل البعد عن قضيتهم، كان يقول مازحاً سأجمع الناس عندما أعود لأخبرهم عنكم، كان هذا في بدايات عام 2003، لاشك أن تطور وسائل التواصل الاجتماعي وثورة الاتصال بمختلف تجلياتها قربت المسافات حتى صار الفلسطيني يرى ويسمع تفاعل العالم الإسلامي كله معه بشكل يومي، وأحداث القدس الأخيرة أثبتت أنه على الرغم من سرعة قطار التطبيع والصدمات المتتالية تبقى القدس هي البوصلة، وهي الدافع الذي يحرك كل ساكن في مجتمعاتنا.نفس الزميل الفلسطيني أخبرني مرة أن سلطات الاحتلال وفي محاولة منها لتقليل أعداد المصلين في الأقصى بدأت التضييق على المصلين القادمين من الضفة والأراضي الفلسطينية، كان التعويل هو على قلة المصلين القادمين من الداخل بعد عقود من محاولات تدجينهم وإبعادهم عن دينهم وقضيتهم، ولكن شاء الله أن تنطلق الصحوة في الداخل بشكل متزامن مع هذا التضييق وبدأت بعدها الحملات للصلاة في الأقصى ليعوض أهل الداخل النقص الناجم عن الت

بايدن...الثابت والمتحول

عدد من مقالات الرأي والتقارير الصادرة عن شخصيات ومراكز أبحاث ذات توجه ليبرالي في الولايات المتحدة وجهت انتقادات لإدارة بايدن، وصفوه بالتأخر في تطبيق أجندة ليبرالية في السياسة الخارجية، اليسار الأمريكي كان يرغب في رؤية التفاتة كاملة للوراء بعيداً عن سياسات سلفه الفوضوية، واتجاهاً نحو سياسة خارجية تتخذ من قضايا حقوق الإنسان والبيئة والديمقراطية أولويات رئيسية، ولكن، وكما هو متوقع في عالم السياسة، أخذ فريق السياسة الخارجية الأمريكي اتجاهاً أكثر تقليدية في تعامله مع التحديات التي خلفتها الإدارة السابقة. على الرغم من تصريحات هنا وهناك داعمة لحقوق الإنسان، إلا أن الإدارة لم تغير جذرياً أي مواقف سابقة، ولم تتخذ حتى مواقف حاسمة من تطورات حديثة في الساحة، مثل الانقلاب العسكري في ميانمار، أما الموقف من قضايا المنطقة وعلى رأسها القضية الفلسطينية فراوح مكانه بدون حتى استعادة الموقف التقليدي من الصراع، على الرغم من العلاقة المضطربة بين بايدن ونتنياهو، وتدريجياً عاد دفء العلاقات مع الدول التي كان يتوقع أن تعاقب على تدخلها في الشأن الأمريكي أو اتخاذها مواقف معادية، بشكل عام لا يبدو أن هناك تحولاً حقي