المشاركات

عرض المشاركات من 2014

التاجر النظيف

من منا لم يحدث نفسه بأن يكون له نشاط تجاري خاص به, يدر عليه دخلاً إضافياً ويملأ به وقت فراغه، بل إن الكثير منا لديه تجارب تجارية مختلفة, فمن أولئك الذين امتهنوا عالم الأسهم, إلى الذين يسرحون في دنيا العقار, إلى أصحاب المبادرات التجارية الخدمية والاستهلاكية. الدخل المادي العالي للفرد في قطر أعطى المجال للكثير من غير التجار والذين ليست لهم أية خبرة تجارية في أن يخوضوا التجربة ويؤسسوا أعمالاً وفق بعضها وتوسع وفشل الآخر وأغلق. في كثير من الأحيان تكون الفكرة متميزة وقابلة للنجاح لكن قلة الخبرة والاستعجال ينتجان فشلاً سريعاً على المستوى التجاري. البعض يعتبر عالم التجارة عالماً قذراً مادياً خالياً من القيم, حتى إنك تسمع البعض يقول «إذا لم تكذب أو تغش أو تسرق أو تستغل فلن تفلح تجارتك» وهذا يدعونا إلى توجيه سؤال، هل هناك مجال لأن تكون تجارتك انعكاساً لقيمك العالية وأخلاقك النظيفة؟ في النصوص الشرعية إشارة إلى إمكانية ذلك، ففي الحديث الذي صححه الألباني أن الرسول صلى الله عليه وسلم رد على عمرو بن العاص حين أبدى زهده بالمال قائلاً «يا عمرو، نعم المال الصالح للرجل الصالح» وفي ذلك دلا

نواز شريف.. يعود من جديد

أظهرت نتائج انتخابات باكستان البرلمانية، اكتساح حزب الرابطة الإسلامية الذي يترأسه نواز شريف رئيس الوزراء الأسبق غريمه التقليدي حزب الشعب، الذي ينتسب إليه آصف زرداري الرئيس الحالي وزوج رئيسة الوزراء السابقة بينازير بوتو. شريف يعود ليحكم باكستان للمرة الثالثة بعد أن ترأس الوزراء بين عامي 90 و93 و97 و99 من القرن الماضي. شريف ولد عام 1949 في إقليم البنجاب الأكبر والأكثر ازدهاراً في باكستان، وبكونه ابن عائلة ثرية انخرط شريف ابتداءً في التجارة، ولكن تأميم حكومة ذوالفقار علي بوتو –والد بينازير- العسكرية لصناعة الفولاذ التي بنت عائلة شريف إمبراطوريتها من خلالها، أدى بشريف إلى خوض بحار السياسة منضماً إلى حزب الرابطة الإسلامية، حيث برز سريعاً وعين وزيراً لمالية إقليم البنجاب وسطع نجمه أثناء حكم الجنرال ضياء الحق الذي عين شريف لاحقاً حاكماً لإقليمه البنجاب، ليدخل بذلك دائرة السياسة على المستوى الوطني. خلال فترة حكم ضياء الحق كون شريف علاقات متميزة مع العسكر ونجح في استرجاع صناعة الفولاذ من الحكومة وأعاد تشكيل إمبراطورية العائلة، مستثمراً في ذات الأوان مبالغ طائلة في المملكة العربية

أوقاف بنت الحضارة

بدأت فكرة الوقف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مع تأسيس النبي للمساجد التي بنيت لتكون وقفاً ينتفع الناس به دون أن تكون ملكاً لأحد، ومن ثم فيما نعلم من وقف النبي عليه الصلاة والسلام لبساتين مخيريق اليهودي، ولكن الوقف الأشهر هو وقف عمر سهمه في خيبر. فقد جاء عمر بن الخطاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستشيره فيما يفعل بأرض حي أحب مال الدنيا له، أي أنه أراد أن يجعلها في سبيل الله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (إن شئت حبست أصلها وتصدقت بثمرتها) فقام عمر بذلك وزاد أنه كتب ذلك وقرأ الكتاب على الصحابة كإشهار للوقف وكان يصرف من ريعه على مصارف الزكاة. أهمية هذا الوقف جاءت في أن النص الذي ورد فيه كان القاعدة التي بني عليها مفهوم الوقف. هذا الوقف العمري أراد الله عز وجل أن ينال عمر أجره إلى يوم القيامة؛ حيث فهمنا الوقف من خلاله وهو المصدر الذي يعود إليه من أراد تعريف الوقف. يجمع معظم باحثي الشريعة والتاريخ أن الوقف هو: حبس الأصل وصرف العائد في وجوه الخير، أي تخصيص ريع استثمار معين، عقار أو شركة أو أموال، لصالح جهة انتفاع محددة كأن يخصص لصالح الأسر المحتاجة أو الأيتام أو نحو ذلك

العمل الخيري موقوفاً

تتميز دول الخليج العربية وبحكم الطفرة المادية فيها بتواجد عدد كبير من الجمعيات الخيرية المتنوعة الأنشطة فهناك في قطر مثلاً عشر جمعيات خيرية وإحدى عشرة جمعية في الإمارات وعدد يصعب حصره من الجمعيات والوقفيات في الكويت. معظم هذه الجمعيات لا تمارس أنشطة تخصصية إنما تقوم بالعمل في مختلف مجالات العمل الخيري. كل الجمعيات تقريباً تعمل في مجال الأيتام ودعم الأسر المتعففة وحفر الآبار وبناء المساجد وطباعة المصاحف، وقلما تجد جمعية تحدد نطاق عملها في إحدى أو بعض هذه المجالات. لعل السبب الرئيسي وراء ذلك هو الوفرة المادية لدى هذه الجمعيات، بعض الجمعيات تدور ما يصل إلى نصف مليار ريال قطري سنوياً، والبعض الآخر يملك أوقافاً ضخمة تدخل عليه الملايين شهرياً، مما يسمح لقيادات هذه الجمعيات أن يتوسعوا في العمل دون خشية من نفاد الموارد، وهذا على عكس الحال في الدول الأقل حظاً، حيث تجد الجمعيات تصارع للبقاء، فتجدها رهينة لنقص التبرعات، وقد تضطر لإيقاف نشاطها نظراً لعدم وجود دعم. التخصصية مفهوم إداري راسخ وأداة من أدوات التميز، وستجد أن معظم المؤسسات المتميزة عالمياً وصلت إلى هذا التميز من خلال تخص

عاطل في قطر

في عام 2012 نشر جهاز الإحصاء نتائج دراسته الميدانية حول القوى العاملة في قطر, وكان من أبرز ما نشر الإشارة إلى انخفاض نسبة البطالة في قطر إلى %3.1 مقارنة بـ%3.9 في العام السابق لإجراء الدراسة، هذا الرقم يعني أنه أثناء الدراسة كان هناك 2600 عاطل من أصل أكثر من 83 ألف قطري مؤهلين للعمل أو حسب المصطلحات المستخدمة في المجال كانوا نشطين اقتصادياً. جهاز الإحصاء استخدم التعريف الأكثر شيوعاً للبطالة, وهو تعريف منظمة العمل الدولية والذي يعرف العاطل على أنه شخص ليس لديه عمل حالياً ويرغب في الحصول على وظيفة, وقام فعلياً بالبحث عن وظائف خلال الأسابيع الأربعة الماضية, ومستعد لبدء وظيفة جديدة خلال أسبوعين. ولكن وكما هو واضح من الرقم المعلن في التقرير الذي نشره جهاز الإحصاء فالرقم المذكور لا يشمل الفئة الأهم من العاطلين في قطر، أولئك المحالون على البند المركزي أو المتقاعدون مبكراً. مشكلة هؤلاء أنهم لا تنطبق عليهم التعاريف الدولية للبطالة, فهم يستلمون رواتبهم في نهاية كل شهر ويقيدون على أنهم موظفون حكوميون أو متقاعدون من وظيفة حكومية, وبالتالي لا تعتبرهم الأرقام الرسمية في عداد العاطلين.

عندما يصبح العمل الخيري Charity

منذ بداية تشكل المجتمع الإسلامي ظهرت الحاجة لوجود مؤسسات تقوم بإدارة عمل الخير، فالإسلام وجه المسلمين إلى أبواب كثيرة من عمل الخير ودفع بهم نحو العطاء؛ لذا كان لزاماً أن يكون هناك إدارة فاعلة لهذه الجهود. ظهور الدولة جاء معه ظهور المؤسسة المعنية بجباية الزكاة وقامت الدولة في الفترة الأولى للدولة الإسلامية على المهام الخيرية فهي التي تستلم الزكوات والصدقات وتقوم بإعادة توزيعها على المحتاجين في أطراف الدولة. وظل هذا النظام قائماً ردحاً من الزمن حتى بلغت الدولة من الاتساع مكاناً أصبح يصعب معه أن يكون هذا الجهد مركزياً وحكومياً خالصاً، وهنا ظهرت الأوقاف المؤسسية. الوقف بشكل مبسط هو: حبس المال في سبيل الله كمن يوقف عقاراً لصالح هدف خيري محدد، ولكن الفكرة تطورت حتى أصبحت هذه الأوقاف مؤسسات قائمة بحد ذاتها تقوم بأدوار مختلفة فبعضها يقوم ببساطة بإعادة توزيع الصدقات والبعض الآخر يتخصص في مجالات مثل التعليم والصحة، بل ونشأت أوقاف خاصة للكلاب الضالة لرعايتها حتى تموت. كبرت هذه الأوقاف وترعرت في ظل الدولة العباسية غير المركزية وبلغت أوجاً عظيماً في إطار الدولة العثمانية حتى صار بعض

عندما اتصل نتنياهو

في موقف يذكر بمصالحات المراهقين من خلال الكبار اتصل الرئيس أوباما برئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان خلال تواجده في عاصمة الكيان الصهيوني وبعد تبادل التحيات والأخبار نقل السماعة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليقوم هذا الأخير بالاعتذار عما بدر من دولته تجاه السفينة التركية مرمرة خلال رحلة أسطول الحرية وعن مقتل تسعة مواطنين أتراك. لا أعلم كيف كانت طبيعة الاعتذار ولكن لو تذكر كل منا طفولته سيتذكر ذلك الاعتذار الذي أرغم عليه دون رغبة منه وكيف كان بارداً ومرفقاً بنبرة صوت هادئة فيها شيء من الاعتراض. الاعتذار الإسرائيلي رافقه وعد بتقديم التعويضات لأسر الضحايا وسيتم لذلك عقد اجتماع وزاري خلال الأيام القادمة. يتساءل الكثيرون عن توقيت هذا الاعتذار والذي يبدو غريباً بعض الشيء فما سر التنازل الإسرائيلي المفاجئ عن الرفض القاطع للاعتذار في وقت لا يبدو أن فيه ضغوطات مباشرة أو مكاسب عاجلة، هناك في الواقع مكاسب مباشرة للأطراف الثلاثة في هذا الاعتذار. الجانب الأميركي عراب الاعتذار كان بحاجة إلى إنجاز حقيقي على الأرض يتمخض عن الزيارة التي قام بها الرئيس الأميركي إلى الأراض

القطري الطموح

في نقاش مع مشرف رسالتي في برنامج الدكتوراه سألته كيف يمكن أن أقيس ظاهرة معينة؟ فأجابني «من خلال الأمان الوظيفي» ثم أطرق ساكتاً للحظة وعلق «اعذرني أنسى دائماً أنك تتكلم عن قطر، حيث لا توجد مشكلة أمان وظيفي». مشكلة الأمان الوظيفي التي يتكلم عنها هي مدى احتمالية أن يخسر الشخص وظيفته ويجد نفسه عاطلاً وبدون مصدر دخل، في معظم المجتمعات هذه المشكلة موجودة وخطيرة وقد تحدد المسارات الوظيفية لكثير من الناس. مع الأزمة العالمية أصبح الأمان الوظيفي مطلباً رئيسياً وصعب المنال فالشركات تسرح آلاف الموظفين والطلب محدود، هذا في العالم كله لكن ليس في قطر وبعض جيرانها. الوظيفة في قطر ينظر إليها على أنها حق مواطنة مثل الصحة والتعليم وتكاد البطالة تكون معدومة وفي الحقيقة وجودها يبدو غير مبرر في ظل الوفرة المادية والصرف والتوسع الحكومي الهائل. لا نغفل أن هناك مشكلة تتعلق بالحصول على الوظيفة مثل التأخر في التعيين والتمييز ضد الفئات المحافظة التي ترفض العمل في بيئة مختلطة أو تلتزم بلبس النقاب، ولكن في المجمل تجد أن القطري يحصل على وظيفة بعد تخرجه بفترة محدودة ويحافظ على هذه الوظيفة طيلة حياته إ

عندما يقدم المستقبل

لا يوجد على وجه هذه الأرض من يعلم الغيب، ورغم سيل التحليلات اليومية لما ستؤول إليه الأحداث هنا وهناك فإن عاملاً خفياً يحول غالباً بين توقعاتنا البشرية والواقع على الأرض. وكل طرف في أي صراع يأمل أن يرسم المستقبل صورة مشرقة له ولفريقه, ولكن بطبيعة الحال هناك من سيخيب أمله ويجد أنه أصبح في الطرف الخاسر من المعاملة. أحداث العالم العربي خلال السنوات الأخيرة كانت وما زالت غير متوقعة فكل يوم يأتينا بجديد حول معادلات الحالة السياسية والاجتماعية في المنطقة, فمن سقوط مفاجئ لأنظمة استمرت في طغيانها لنصف قرن إلى ثورات مسلحة تواجه حرباً شرسة لا هوادة فيها, وحتى تطورات مسارعة في الجزيرة العربية للمطالبة بالإصلاح والمحاكمات المختلفة التي أصبحت بفضل تويتر وغيره علنية، لم يعد بالإمكان حجب ضوء الشمس بغربال. كل هذه الأحداث تقود لعالم عربي جديد مختلف عن الذي نعيش فيه الآن، عالم لا يقبل بالطغيان ويحارب الطغاة، عالم الإعلام فيه حر, والمناصب السياسية فيه بالانتخاب، عالم لا مكان فيه لمجموعات تمارس الوصاية والإجبار على الجموع الشعبية. إنه عالم الحرية. هناك الآن في العالم العربي شعبياً ورسمياً ف

المتطوع الشاب

يعتبر الباحثون في مجالات العلوم الاجتماعية المختلفة أن الثروة الاجتماعية هي أحد أهم أدوات التنمية، وتعتبر الثروة الاجتماعية محصلة الترابط والتكافل بين أفراد المجتمع، ومن أهم مظاهر هذه الثروة نشوء وازدهار مجتمع مدني حيوي مؤثر، ولا يمكن للمجتمع المدني أن ينهض ويزدهر من دون أن تكون هناك قاعدة عريضة من المتطوعين تعمل في دهاليز المجتمع المدني وتبث فيه الروح. التطوع في العالم الغربي يعتبر من المؤشرات الرئيسية التي يعتمد عليها في قياس الثروة الاجتماعية وتقييم حالة التناغم الاجتماعي. يرتبط التطوع بطبيعة الحال بمدى الرفاهية الاجتماعية، فهو يزيد في حالات الاستقرار الاقتصادي ويتناقص لدى الأزمات الاقتصادية. الدول الأكثر نموا واستقرارا نجد أن نسبة التطوع فيها تتجاوز الربع، أي أن أكثر من واحد من كل أربعة من السكان منخرط بشكل أو بآخر في العمل التطوعي. أهم فئات المتطوعين هي فئة الشباب (16-25) وتكون نسبة التطوع عادة أكبر لديهم؛ في الولايات المتحدة %55 من الشباب يمارسون العمل التطوعي و%58 في كندا و%43 في بريطانيا و%32 في الدنمارك، وتقع النسبة عادة بين 30 و%60 في الدول المستقرة والتي لا ت

أميركا والسياسة الخارجية الناعمة

صرح وزير الخارجية الأميركي الجديد جون كيري مازحاً حول منصبه «لا أدري إذا كان من الممكن لهذه الوزارة أن يديرها رجل!»، مشيراً بذلك إلى السطوة النسائية على هذا المنصب منذ عام 97 حين صادق الكونجرس الأميركي على ترشيح الرئيس الأميركي آنذاك بيل كلينتون لمادلين أولبرايت لتكون بذلك أول وزيرة خارجية في تاريخ الولايات المتحدة، ولتفتح من بعدها الباب لوزيرتين أخريين لتولي المنصب، فبعد أن استنفد العسكري المتقاعد والطامح السابق لمنصب الرئاسة كولن باول دوره في الإدارة الأولى لبوش الابن، عين الأخير كوندليزا رايس مستشارة الأمن القومي كوزيرة للخارجية، لتكون بذلك ثاني وزيرة وثاني شخص أسود يتولى المنصب بعد كولن باول. وأخلت رايس مكتبها إثر فوز أوباما لهيلاري كلينتون حرم الرئيس الأميركي الذي سلم الوزارة لأول وزيرة. وفي حقيقة الأمر فإن الاختيار الأول للرئيس أوباما لشغل المنصب كان ممثلة الحكومة الأميركية في الأمم المتحدة سوزان رايس، ولولا تورطها في تصريحات متعجلة حول تفجير السفارة الأميركية في بنغازي لكانت رايس رابع وزيرة في أقل من عقدين وثالث شخص أسود والثانية من آل رايس لتولي المنصب. بعد رفض ا

هل تثق في الجمعيات الخيرية؟

يكثر الحديث في مجالسنا عن الجمعيات الخيرية ومدى ثقة الناس فيها، تسمع أحياناً اتهامات تطلق جزافاً حول الأموال التي تجمعها هذه الجمعيات ومصارفها. وقد يتكون لديك انطباع أحياناً أن الناس لا يثقون بهذه الجمعيات نظراً لهذه الصورة النمطية التي تكونت عنها والتي تشمل التقصير في العمل داخل قطر والبذخ في المصاريف الإدارية، ولكن هل هذا الانطباع صحيح؟ في عام 2012 نفذ معهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية المسحية التابع لجامعة قطر دراسة عن المجتمع القطري تضمنت قسماً عن المؤسسات والتبرعات الخيرية، سألت الدراسة عينة عشوائية شملت أكثر من ألفي مواطن ومقيم أسئلة مختلفة حول العمل الخيري، أحد هذه الأسئلة كان هل تفضل التبرع للجمعيات الخيرية أم للأفراد مباشرة؟ أفاد 60% من المشاركين القطريين أنهم يفضلون التبرع للجمعيات الخيرية بينما فضل البقية التبرع للأفراد مباشرة. هذه النسبة تفيد أن هناك نسبة ثقة جيدة في الجمعيات الخيرية ولكن السؤال هو لماذ فضل أربعة من كل عشرة قطريين التبرع لصالح الأفراد مباشرة؟ للإجابة على هذا السؤال ننظر إلى نتيجة سؤال آخر يطلب من المشاركين تحديد السبب الرئيسي لتفضيل جمعية عل

أزمة ما بعد الثورة

جاءت الثورات العربية كنتيجة طبيعية للظلم والطغيان الذي أشبعت به الشعوب، وكتلبية لمطلب الحرية الذي هام به المواطن العربي طويلاً، ولكن بعد مرور عامين على نجاح الثورات في 4 دول عربية وإسقاط الأنظمة الديكتاتورية فيها ننتقل إلى حالة جديدة من التوتر، ففي مصر نجد ما يشبه انقساماً داخلياً بين مؤيدي الرئيس ومعارضيه، وفي تونس تكاد الحكومة تنهار تحت وطأة الخلافات بين الأحزاب المشكلة للائتلاف الحاكم، وفي ليبيا يشتكي الإسلاميون من التهميش ويهدد بعض المسلحون السلم الاجتماعي. إذاً بإمكاننا القول إنه حتى يومنا هذا لم تحقق الثورات ما كان يطمح إليه المواطن من رفاهية وأمان في ظل دولة الحرية والعدالة، رغم أن القوى التي كانت تطالب بكل ذلك في زمان الطغيان هي ذاتها التي تشكل الحكومات اليوم، على الأغلب. بطبيعة الحال لا يكفي عامان لتقييم التجربة، ولا يمكن لأي حكومة بغض النظر عمن يشكلها أن تزيل آثار أربعة عقود من التدمير الممنهج لمؤسسات الدولة ونخرها المتعمد بالفساد في هذه المدة القصيرة، ولا يمكن لأي رئيس أو رمز نضالي أن يحصل على تأييد شامل شعبي بعد أن ذاقت الشعوب طعم التمرد على الأنظمة. ولكن إل

جدد قناعاتك المهنية

أستعير عنوان مقالي هذا الأسبوع من ورشة حضرتها قبل فترة أقامتها شركة مكين القابضة، وأدارها الأستاذ علي الهاشمي العضو المنتدب والرئيس التنفيذي للشركة، تمحورت الورشة حول القناعات الرئيسية التي نحملها حول حياتنا المهنية، فهل محركنا المهني هو المادة أو المقام الاجتماعي أو التقدير الذاتي أو الشغف بالمجال؟ كان النقاش رائعاً ومثمراً خاصة أن المنهجية التي اعتمدها مدير الورشة كانت فريدة من نوعها ومتميزة، الفكرة كانت الاعتماد على التكنولوجيا من خلال تصميم موقع يشارك فيه المتدرب، ويحل بعض التمارين من خلاله أثناء الورشة، ويقوم الموقع بحساب بعض المتغيرات لتقييم قناعاتك المهنية قبل وبعد الدورة. شارك في الورشة مجموعة من أصحاب الهمة العالمية من الشباب القطري الذين يبدؤون حياتهم المهنية أو على الأقل ما زالوا في مراحلها الأولى، أثناء النقاش طرحت مسألة هامة تغيب كثيراً حينما نتكلم عن الحياة المهنية، وهي ما هو الحجم الذي يجب أن تشغله مهنتك أو وظيفتك من حياتك؟ وهل هو صحي أن تكون حياتك مرادفا لوظيفتك؟ حتى أواخر التسعينات كان الموظف في مجتمعنا يخلع عباءة الوظيفة الساعة الواحدة ظهراً، مما يعطيه

القطاع الخصومي

في كل دول العالم تقريباً تنقسم الدولة إلى قطاعات ثلاثة رئيسية: القطاع الحكومي ويشمل كل المؤسسات التي تتكون منها أجهزة الدولة، والقطاع الخاص والذي يمثل كل الأعمال الربحية التي يملكها أفراد أو مؤسسات وتعود بالنفع المباشر عليهم، والقطاع الأهلي والذي يمثل كل الأنشطة غير الربحية والتي تهدف لخدمة المجتمع. هذا التقسيم بين القطاعات يستلزم تقسيماً قانونياً كذلك فيما يتعلق بسياسات التنظيم والرقابة المالية، فالإشراف من قبل الدولة على القطاع الخاص وتنظيم عمله يختلف عن تنظيم عمل المؤسسات الحكومية أو الأهلية. في كثير من الأحيان توجد مؤسسات مختلطة مثل الشركات الحكومية مثلاً، وفي هذه الحالة يتم التعامل مع الشركة على أنها قطاع خاص فلا يكون نصيب الحكومة فيها سبباً لتلقيها معاملة خاصة أو إعفاءات ضريبية وذلك لضمان التنافسية في السوق. في دول الخليج العربية وبحكم الطفرة المادية كان نمو الدولة أسرع مما هو معتاد عليه عالمياً، ما أدى إلى اختلال في نمو القطاعات الثلاثة، فبينما نما القطاع الحكومي بسرعة البرق كان القطاعان الخاص والأهلي يحبوان بسرعة حلزونية في محاولة يائسة للحاق بالمؤسسة الرسمية. وه

كيف تكون مطبّعاً؟

أثارت استضافة الحي الثقافي لأحد فناني الكيان الصهيوني لإحياء حفلين متتالين يومي الثلاثاء والأربعاء موجة احتجاج على موقع التواصل الاجتماعي تويتر وتراوحت الآراء بين رافضي قدومه لمجرد كونه إسرائيلياً والداعمين لحضوره باعتباره مسانداً للسلام مع الفلسطينيين. دفعني هذا الجدل إلى محاولة تأطير موضوع التطبيع في إطار واضح بحيث يزيل الغبش عن النقاش في المسألة. منذ مؤتمر اللاءات الثلاث في الخرطوم (لا للصلح ولا للتفاوض ولا للاعتراف) والذي عقد على إثر هزيمة 67 خرجت العديد من الدعوات لمقاطعة الكيان الصهيوني سياسياً وتبعتها دعوات لتثبيت هذه المقاطعة السياسية من خلال مقاطعة شعبية ترفض التعاون مع الكيان ومؤسساته في كافة المجالات، ومع سعي الولايات المتحدة وحكومة الكيان إلى إيجاد باب للعلاقات مع الدول العربية أو بمعنى آخر تطبيع العلاقات مع الكيان ظهرت الدعوة إلى مقاومة التطبيع. ولكن ما التطبيع؟ وماذا يشمل؟ قامت الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل مشكورة بنشر تعريف جامع مانع للمفهوم، تقول الحملة إن «التطبيع هو المشاركة في أي مشروع أو مبادرة أو نشاط، محلي أو دولي، مصمم خ

هل قطر بحاجة إلى السياحة؟

شاركت في نهاية الأسبوع الماضي في ورشة أقامتها الهيئة العامة للسياحة حول استراتيجية الدولة للقطاع السياحي، ضمت العديد من المهتمين من المؤسسات المختلفة بالإضافة إلى مجموعة من الإعلاميين والكتاب، وهدفت إلى التعرف على التحديات والفرص الرئيسية أمام القطاع السياحي في إطار إعداد الهيئة لمشروع استراتيجية وطنية للسياحة. المشاركون قدموا الكثير من المقترحات المتنوعة كما أشاروا إلى تحديات رئيسية تواجه القطاع سواء فيما يتعلق بالبنية التحتية أو القوانين المنظمة أو الثقافة المحلية. لكن السؤال الأهم الذي لم يكن محط نقاش خلال الورشة هو: هل قطر بحاجة إلى السياحة؟ قطر بطبيعة الحال دولة تعتمد في الأساس على إنتاج البترول والغاز ومشتقاتهما، نظراً لما حباها الله به من وجود الوقود الأحفوري في باطن أرضها، لكن هذه الثروة النابضة لا يمكن الاعتماد عليها للأبد، فتنويع مصادر الدخل القومي أولوية وضعت على رأس القائمة في خطة قطر 2030 وبدأت تؤتي ثمارها في مجال الاستثمار العقاري والخارجي على وجه الخصوص. السياحة قطاع هام في حال الحديث عن تنويع مصادر الدخل، فجيراننا في دبي استطاعوا أن يحولوا هذا القطاع إلى

الهلال الخصيب

الهلال الخصيب هو مصطلح يقصد به تلك المنطقة الواقعة بين إيران شرقاً والبحر المتوسط غرباً وتركيا شمالاً والأردن جنوباً والتي عرفت بخصبة أراضيها زراعياً وحضارياً؛ حيث كانت منطلق الكثير من حضارات العالم القديم واحتوت عاصمتي الدولة الإسلامية في العهدين الأموي والعباسي. المصطلح يقال إن أول من أطلقه هو عالم آثار أميركي اسمه جيمس هنري واستخدمه لاحقاً كل من نوري السعيد رئيس الوزراء العراقي بين عامي 1930 و1938 وأنطوان سعادة مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي واللذان طرحا فكرة وحدة الدول الواقعة في نطاق الهلال وهي العراق وسوريا وفلسطين ولبنان والأردن أصالة وضم أنطوان سعيد وحزبه إلى هذا الطموح الوحدوي الكويت وقبرص والأهواز وسيناء وبادية الشام وصولاً إلى تبوك والجوف في المملكة العربية السعودية حالياً. لعبت فكرة الهلال الخصيب دوراً محورياً في أحداث ما بعد الحرب العالمية الثانية في المنطقة ثم تضاءل هذا الدور مع الخلافات بين سوريا والعراق البعثيتين وتطور الأوضاع في لبنان والأردن. ولكن الهلال الخصيب عاد إلى الصورة بنشوء تحالف جديد بلغ أوجه مع الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003. مع دخول ال

الناخب الجاهل

أثار المثقف المصري علاء الأسواني موجة من الانتقادات إثر تصريحه قبل الاستفتاء على الدستور المصري بأنه يرى أن التصويت يجب أن يقتصر على من يعرف القراءة والكتابة، أراد الأسواني حذف كل أولئك الأميين والذين يشكلون ربع الأمة المصرية من قائمة الناخبين وذلك كما يدعي لسببين الأول هو التشجيع على التعليم! والثاني هو منع استغلال «تجار الدين» كما يسميهم لجهل الأميين لتسويق برامجهم ومرشحيهم. القضية بطبيعة الحال ليست جديدة على النقاش الديمقراطي فهناك العديد من الدول التي غيرت من قوانينها لصالح إدماج الأميين والذين يعانون من صعوبات التعلم في العملية الانتخابية، هناك ولايات أميركية على سبيل المثال اعتمدت اللغة الإسبانية على الورقة الانتخابية لضمان مشاركة الذين لا يتكلمون الإنجليزية، وجامبيا والتي ترتفع فيها نسبة الأمية يصوت فيها الناخبون باستخدام بلي زجاجية ترمى في صندوق يحمل صورة المرشح. والنقاش أعمق من ذلك فهناك نقاشات تدور حول الناخبين الذين يتقاعسون عن التصويت بين أولئك الذين يؤيدون أن يكون التصويت إلزامياً والذي يرون أن التصويت يجب أن يكون اختيارياً؛ لأن إلزامية التصويت ستضر بجودة ال

مؤسسات ما بعد الثورات

المجتمع المدني عربياً كان دائماً ضعيفاً وغير فعال نتيجة الضغط الحكومي عليه، ونتيجة لضعف البناء المؤسسي عموماً في العالم العربي، ولكن مع الربيع العربي يظهر الآن جيل جديد من المؤسسات التي ترسم صورة مغايرة للمساهمة الاجتماعية عن تلك التي كانت إما ألعوبة في يد السلطة أو مصدر رزق للعاملين فيها، فنحن اليوم أمام ثورة مؤسساتية في الدول المحررة من الطغيان هي في أولها ولم تبلغ أوجها بعد. المجتمع المدني، والذي هو عنوان لكل مؤسسة طوعية غير ربحية مستقلة عن الدولة، هو أحد أهم أدوات بناء الدولة وزيادة نسبة المشاركة في صنع القرار، فهو يقوم بأدوار مراقبة الأداء الحكومي ويقدم التوصيات ويقيم السياسات بالإضافة إلى الأدوار الاجتماعية التقليدية في المجالات الخيرية المختلفة. قبل الثورات، برزت المؤسسات الخيرية بقوة في كافة دول العالم العربي نظراً لكونها بعيدة عن السياسة، وبالتالي سمحت لها الحكومات بمساحة لتغطي بها ضعفها في علاج مشاكل الفقر والبطالة، ولكن مع تنامي الدور السياسي لبعض هذه المؤسسات واجهت هي كذلك ضغطاً حكومياً هائلاً انتهى بكثير منها إلى الإغلاق. ومع سن التشريعات التي تفتح الباب ع