المشاركات

عرض المشاركات من يوليو, ٢٠١٢

هونج كونج من الشرق إلى الغرب

زرت خلال الشهر المنصرم إقليم هونج كونج الصيني في زيارة هي الأولى بالنسبة لي إلى هذا الإقليم، الذي يعتبر واحدا من إقليمين فقط يتمتعان بحكم ذاتي بعيدا عن الهيمنة المباشرة للحكومة الشيوعية الصينية. يأتي ذلك نتيجة لكون هونج كونج آخر الأقاليم انضماما إلى الوطن الأم بعد احتلال دام قرنا ونصف القرن من قبل التاج البريطاني، حيث إن الأسطول البريطاني رسا على شواطئها في بداية حملة انتهت بهزيمة الإمبراطورية الصينية على يد الإنجليز ضمن ما سمي بحرب الأفيون. في أواسط القرن الثامن عشر نشط البريطانيون في تصدير الأفيون الذي كانت تنتجه المستعمرات البريطانية في شبه القارة الهندية إلى الصين، مما تسبب في وباء من إدمان المخدرات أفسد الحياة الاجتماعية في المدن الرئيسية في الإمبراطورية مترامية الأطراف، وبعد أن عين الإمبراطور مديرا لإقليم جوانزوا ليتولى مهمة إيقاف تصدير الأفيون وتطبيق حكم الإعدام في حق عدد من المهربين الإنجليز، نشب صراع بين الحكومتين انتهى بقيام الحرب سالفة الذكر والتي انتصرت فيها بريطانيا فارضة بذلك السماح ببيع الأفيون الإنجليزي عبر الموانئ الصينية وسيطرة التاج على منطقة هونج كونج. بقيت هون

من ماليزيا عن ماليزيا

يختلف المراقبون في التعبير عن التجربة الماليزية، فبين الذين يعتبرونها نموذجاً للنجاح الاقتصادي والاندماج الاجتماعي إلى الذين يعتبرونها دولة مليئة بالفساد السياسي والصراعات الإثنية هناك بون شاسع وكما هي الحال في ماليزيا عينها تتنوع الآراء بتنوع المشاهدات. ماليزيا اتحاد فريد من نوعه حيث اتحدت الولايات الملاوية المختلفة خلال الاستعمار الإنجليزي لتشكل الاتحاد الملاوي وبعد الاستقلال عام 1957 انضمت صباح وساراواك وسنغافورة إلى الاتحاد ليعدل اسمه إلى الاتحاد الماليزي، كما هو معلوم سنغافورة تم طردها من الاتحاد إثر خلافات مع الحكومة المركزية في كوالالمبور لتبقى 13 ولاية في الاتحاد 9 منها ملكية والبقية يحكمها نظام برلماني، كل خمس سنوات يتم انتخاب ملك من الملوك التسعة في ماليزيا ليكون ملكاً للاتحاد وينتقل للسكن في العاصمة في قصر بني حديثاً بتكلفة بلغت قرابة المليار ريال قطري. انتخاب الملك بهذا الشكل يعد فريداً على مستوى العالم ولكن يبقى دور الملك شرفياً فالنموذج الذي يحكم البلاد متأثر بشكل كبير بالنموذج البريطاني الملكي الدستوري ويعد ذلك طبيعياً نظراً للاستعمار البريطاني الطويل للمنطقة. الحاكم

القطريون "أون لاين"

إذا جلس الواحد منا الآن في مجلس مع مجموعة من الأصدقاء وشاح بنظره يمنة ويسرة سيجد من الحضور من غاب في غياهب الجهاز الذي بين يديه، فواحد مع البلاكبيري يتناقش في مجلس افتراضي مع أصدقاء آخرين، وآخر على تويتر يغرد بآخر أرائه الفلسفية ، ودونهما شخص تفرغ لإنزال صور المجلس الذي يحضره في أحد أدوات الاتصال الاجتماعي مشفوعة بعبارة "مجلس تايم" ولو انبرى أحد الحضور للحديث في المجلس بشكل تقليدي فحديثه لا يخلو من إشارة إلى منشور على الإنترنت في مكان ما. دعيت نهاية الأسبوع المنصرم على العشاء لدى صديق لأفاجئ أن معظم الحضور كانوا من أصدقائنا "الافتراضيين" على موقع تويتر والذي لم يسبق لي أن ألتقي معظمهم على الرغم من   تبادلنا أطراف الحديث على تويتر، بعضهم "طاحت الميانة" بيني وبينهم على الموقع وعندما سلمت عليه في المجلس لم أعرفه حتى تدخل أحد الأصدقاء "الغير افتراضيين" قائلاً: ألم تعرفه إن فلان من تويتر – مستخدماً اسم حسابه على الموقع طبعا- ليزول بذلك الحاجز بين الافتراضي والواقعي. بدا لي في هذا اللقاء أن هناك جيل جديد من العلاقات ينشأ ناقلاً الافتراضي إلى ا

أنا وأنت و"الأجنبي"

حسب الإحصاءات الرسمية كان عدد سكان دولة قطر عام 1997 يزيد على النصف مليون بقليل، وفي إحصاء عام 2010 ذكر أن عدد السكان وصل إلى قرابة مليون و سبعمائة ألف أي بمعدل نمو نمو زاد على 300%. وبطبيعة الحال لا يعود هذا الانفجار السكاني إلى زيادة طبيعية في عدد المواليد إنما هي موجات من العمالة الوافدة جاءت من مختلف أقطار الأرض لتلبية احتياجات التنمية محلياً. هذا التغيير الديموغرافي المدهش قلص حجم "الجالية" القطرية في المجتمع فهي اليوم تمثل أقل من 15% من المجتمع حسب الإحصاءات الرسمية. مجتمعنا اليوم متعدد الأعراق والثقافات والديانات والجنسيات ولم يعد مجتمعاً متجانساً يحمل ثقافة غالبة مشتركة كما كان في زمان جيل آباءنا وآبائهم. وهذا التنوع يدعو إلى الاستفسار عن علاقة هذه المكونات الاجتماعية المتباينة ببعضها البعض، والسؤال الأهم هو ما هي نظرتنا كقطريين لهؤلاء "الضيوف" الذين يشكلون في مجموعهم 85% من سكان قطر. ليس من المناسب عند الحديث عن الأجانب المقيمين في قطر   وضعهم تحت تصنيف واحد حيث يضم الأجانب مجموعات تختلف في قربها وبعدها من الشكل الاجتماعي الذي يميز القطريين، فالعرب

وإذا الموءودة سئلت...

يقول ربنا في كتابه في سورة التكوير "وإذا الموءودة سئلت، بأي ذنب قتلت"، الوأد عادة جاهلية قضت بأن يدفن الأب عديم الإحساس ابنته في التراب من خلال وضعها في قدر أو ما شابه، عندما أنظر في عيني ابنتي لا أتخيل كيف يجرؤ شخص على عمل كهذا، وجه الطفل ملؤه البراءة ويشع بالسعادة ومن متع الحياة النظر إلى الأطفال والتحدث معهم قبل أن تفسدهم متاعب الحياة وهمومها وعندما يخطئ ابنك أو ابنتك وتضطر إلى التعنيف تجد نفسك ضعيفاً أمام براءة الطفل، فكيف بمن سولت له نفسه إنهاء حياة قصيرة وإيقاف ينبوع الحياة من مصدره من خلال قتل طفل. مجزرة الحولة والتي قضى فيها العشرات من النساء والأطفال هي تذكير قاس بقدرة البشر على تجاوز إنسانيتهم والتحول إلى كائنات مكنية خالية من العواطف والأحاسيس، مناظر نحر الأطفال أمام بعضهم وصب الدم على بعضهم قبل أن يحين دورهم كانت من البشاعة بمكان يجعلها أبشع مناظر القتل على الإطلاق فلم نر سابقاً توثيقاً لمثل هذه الأفعال الإجرامية. إن قتل الأطفال بهذا الشكل البشع يقال أنه جاء انتقاماً لعملية قام بها الثوار استهدفت قيادات أمنية واختيار الحولة كان سببه على ما يبدو أن أحد ا

سرطان السلطة

من قدر له أن يكون قريباً من مريض بالسرطان أثناء علاجه الكيميائي يعرف ما يفعله هذا العلاج بالجسم، يبدو المرض صحيحاً قبل العلاج وكأنه بكامل صحته وعافيته ولكنه مع بداية العلاج الكيميائي يضمحل تدريجياً حتى يتحول إلى هيكل عظمي ويعاني من ضعف شديد ولكن ما السبب؟ السبب طبياً هو أن العلاج الكيميائي هو في الحقيقة تسميم للجسم يهدف إلى قتل الخلايا السرطانية ولكنه في ذات الوقت يقتل الكثير من الخلايا السليمة ويضعف جهاز المناعة في الجسم بشكل حاد مما يؤدي إلى إيصال المريض إلى حالة سيئة ولكنها تنتهي بعلاج الورم وشفاء المرض في حال نجاح العلاج. الطريقة الأخرى لعلاج مرض السرطان والتي تنجح في حالة عدم انتشار المرض هي من خلال استئصال الورم كاملاً من الجسم ولكن لو كان لهذا الورم أي امتداد ولو على شكل خلية واحدة فقد يعود للنمو مجدداً وبشكل أكثر خطورة. الأنظمة البائدة العربية ابتداء بالتونسي وانتهاء بالسوري جميعها يمثل حالة متقدمة من سرطان السلطة والذي انتشر في أنحاء منظومة الدولة وتغلغل في كافة مؤسساتها، وجاءت هذه الثورات لعلاج هذا السرطان المستفحل ولكن العلاجات اختلفت جذرياً فالنظام الليبي مثلاً عول

إلى أين يتجه...سيدا؟

خلال الأيام القليلة الأماضية أقر المجلس الوطني السوري تعيين عبدالباسط سيدا رئيساً له خلفاً للرئيس الأول والمثير للجدل برهان غليون، هناك ثلاثة قضايا رئيسية مرتبطة باختيار سيدا تستحق التوقف عندها، الأولى تكمن في أسباب الحملة على غليون والثانية ترتبط بكون الرئيس الجديد كردياً والثالثة تتعلق بتزايد دموية النظام في مقابل ضعف ردة الفعل عالمياً. بدا اختيار برهان غليون قبل أكثر من عام ليكون رئيساً للمجلس مستغرباً وأثار حفيظة الكثير من الإسلاميين والمتعاطفين معهم من خارج سوريا نظراً لكون الرجل علمانياً في إطار سطوة للإسلاميين على الثورات الأخرى عربياً. المفاجأة كانت في أن يكون السبب الرئيس وراء حملة الإطاحة بغليون هو اتهامه بمحاباة الإخوان المسلمين داخل المجلس وإعطاؤهم أكبر من حجمهم في مؤسساته. بناءً على ما ترشح لنا من أخبار من دوائر المعارضة المختلفة فإن الإخوان المسلمين منذ البداية قاموا باحتواء غليون خاصة أنه لا يمثل قاعدة شعبية عريضة بإمكانه الاستناد عليها. اشتكى بعض الآخرين من غليون زاعمين أنه كان متفرداً وأبعد بعض الشخصيات المحورية عن مجريات الأمور ولا يعلم إن كان ذلك في إطار محابا

ثقافة المؤتمرات

أثناء حضور الأجانب لأي مؤتمر يقام هنا في الدوحة يسجلون دوماً إعجابهم بالخدمات والتسهيلات والتجهيزات التي تقدمها الجهات المنظمة من قبيل توفير التذاكر والسكن والمواصلات والسائقين الخاصين والمرافقين والقاعات الفخمة ووجبات الغداء والعشاء السلطانية بالإضافة إلى المطبوعات الفاخرة وكل مظاهر الاستقبال التي هي جزئياً على الأقل نابعة من ثقافة الضيافة العربية. هذه الضيافة بسمتها العربية في مؤتمراتنا لا تقابلها ثقافة مماثلة في المؤتمرات الشبيهة على مستوى العالم فعندما يقام مؤتمر لا يحمل صفة رؤساء الدول أو الوزراء على الأقل في الغرب كما هو الحال بالنسبة للمؤتمرات العلمية والثقافية، لا تكاد تجد أي مظهر من مظاهر الاستقبال من قبل الجهة المنظمة فهناك «ثقافة» مختلفة فيما يتعلق بإقامة مؤتمر. المؤتمرات حسب الثقافة الغربية هي تجمع يهدف أصالة إلى التشبيك بين أصحاب الاهتمام المشترك وبما أن هذا التشبيك يهم كل مشارك بشكل متساو يساهم كل منهم بجزء من تكلفة المؤتمر ويتحمل تكلفة تذكرته ومواصلاته ويدفع رسماً خاصاً لحضور عشاء رسمي يتيم يقيمه المنظمون الذين ربما يمنون عليه بسندويتشات باردة وبعض قطع البسكويت مع ك

إدارة أزمات العلاقات العامة.. الفن المفقود

قبل سنوات حضرت برنامجاً تدريبياً مخصصاً للمسئولين الذين يتعاملون مع وسائل الإعلام – علماً بأنني لم أكن مسئولاً إلا عن نفسي- بحيث يعد هذا البرنامج المشارك للتجاوب الإيجابي مع وسائل الإعلام خاصة عندما تعاني المؤسسة من أزمة علاقات عامة. البرنامج ركز على طبيعة البيان الصحفي الملائم لكل مرحلة وكيفية إدارة أسئلة الصحفيين وما إلى ذلك. ومع الأسف ما نشاهده من تعامل بعض المؤسسات الكبرى محلياً مع أزمات العلاقات العامة يدل على أن مسئولي هذه المؤسسات لم يمر عليهم أي تدريب من هذا النوع. أزمة العلاقات العامة قد تطيح بمؤسسات كاملة فروبرت مردوخ حوت الإعلام تعرض لأزمة علاقات عامة قاسية خلال السنة الماضية اضطرته للاعتذار أكثر من مرة للشعب البريطاني وتعويض مختلف الأشخاص بل وإغلاق الصحيفة المتهمة بالتنصت على مسئولين حكوميين ومشاهير بغية الوصول إلى سبق صحفي. راحت الصحيفة ضحية في محاولة لاحتواء الأزمة وهاهي الأزمة الآن توشك على الأفول بعد إدارة حذرة جداً للملف من قبل مردوخ نفسه ومؤسساته. أما على مستوى مؤسساتنا المحلية فهناك نمطين في التعامل مع أزمات العلاقات العامة، النمط الأول هو دفن الرؤوس في التر