المشاركات

عرض المشاركات من أغسطس, ٢٠٢١

بين كارتر وبايدن، هل يعيد التاريخ نفسه؟

في نوفمبر من عام 1976 انتخب الأمريكيون الديموقراطي جيمي كارتر رئيساً بعد فترة من أصعب وأحلك الفترات في تاريخ ما بعد الحرب العالمية الثانية في واشنطن، خلال السنوات التي سبقت وصوله للبيت الأبيض مرت الطبقة السياسية الأمريكية بأزمة غير مسبوقة نتيجة فضيحة واترجيت والتي نتج عنها استقالة الرئيس نيكسون وتولي جيرالد فورد نائبه الرئاسة والذي تولى السلطة بدوره خلال أزمة اقتصادية خانقة ولم يفلح في العودة منتخباً إلى البيت الأبيض ليكون الرئيس الوحيد الذي لم ينتخب لمنصب الرئاسة في التاريخ الأمريكي المعاصر، اختار الأمريكيون كارتر الذي كان يمثل صورة عكسية لنيكسون، وعد كارتر الأمريكيين بأنه لن يكذب عليهم أبداً، ودعا إلى إصلاح البيئة السياسية في واشنطن والتحول بالسياسة الخارجية الأمريكية نحو دعم حقوق الإنسان والسياسة الداخلية نحو تعزيز الرعاية الاجتماعية وكبح جماح وكالة الاستخبارات المركزية، باختصار مثل كارتر بديلاً أخلاقياً بعد فضائح نيكسون. بعد توليه الرئاسة حاول كارتر عبثاً إصلاح الاقتصاد والطبقة السياسية والتحول نحو سياسة أخلاقية في الداخل والخارج، تفاقمت الأزمات الاقتصادية خلال فترة حكمه ووصلت إلى

تطبيع طالبان

بعد أكثر من أسبوع من انهيار الحكومة الأفغانية وسيطرة طالبان على كابل لا يتبقى إلا ولاية بانشير منفردة خارج سيطرة الحركة، وعلى الرغم من إعلان نائب الرئيس السابق توليه السلطة دستورياً وتهديد نجل أحمد شاه مسعود بمواجهة عسكرية طويلة، إلا أن السيناريو الأقرب هو أن طالبان قادرة منفردة على بسط نفوذها وتشكيل سلطة جديدة تكون الكلمة الفيصل لها في تركيبتها وشخوصها، ومع نهاية المعركة داخلياً يبقى السؤال قائماً حول إمكانية تطبيع طالبان وتحويلها لقوة سياسية مقبولة في السياق الدولي، فهل الطريق ممهد أمام الحركة لتحقيق الاعتراف الدولي؟ منذ سقوط كابل أظهرت حركة طالبان درجة عالية من ضبط النفس، تستمر عملية الإجلاء من مطار كابل دون تدخل من الحركة، الاجتماعات مستمرة مع قيادات حكومية كانت تقود المعركة مع طالبان في وقت ما، والرسائل التطمينية حول حقوق الإنسان والمشاركة الشعبية والحكم التشاركي تستمر من قادة الحركة، الإدارة الأمريكية المتورطة في فشل خطة الإجلاء وسرعة انهيار القوات الحكومية تخرج كل يوم بتصريحات تتأرجح بين تهديد طالبان برد فعل في حال أرادت العودة بالبلاد لشكل الحكم الطالباني السابق وقبول ضمني بسلط

العودة إلى ٢٠٠١

في مشهد سريالي دخلت قوات طالبان العاصمة الأفغانية كابول دون أي مقاومة تذكر، وتحول المشهد خلال ساعات قليلة من تقييم بأن أفغانستان ستكون تحت سيطرتهم خلال 6 أشهر إلى الحديث عن مفاوضات حول سلطة انتقالية إلى مفاوضات لتسليم كابول إلى إعلان طالبان سيطرة كاملة على العاصمة وكل ذلك دون مواجهات حقيقية على الأرض، تماماً كما حدث عام 2001 حين قررت قيادة طالبان الانسحاب من كابول تاركة عشرين مقاتلاً في إحدى حدائق المدينة، تكرر المشهد ليلة البارحة لتعود عقارب الساعة عشرين عاماً إلى الوراء. تشابه المشهد بين 2001 و 2021 كبير، فكما كان الحال آنذاك سقطت مزار شريف أولاً وفتحت السجون ثم حوصرت كابول لتسقط دون مقاومة تذكر، في 10 نوفمبر 2001 سقطت مزار شريف بيد تحالف الشمال والتحالف الدولي بعد معارك ضارية وبعد فشل استعادة المدينة من قبل طالبان اتجهت القوات المدعومة بالقصف الأمريكي إلى كابول في 12 نوفمبر وسرعان ما غادرت قوات طالبان إثر ما وصف حينه بأنه قرار اتخذ لحقن دماء الأفغان، ولكنه كان كذلك فرصة لمقاتلي الحركة لضمان بقائها فالمعركة كانت انتحارية، المفارقة طبعاً هي الفرق المهول بين التحالف الدولي الذي أمن سقو

الأيديولوجيا السياسية بين الانحسار والبعث

مع انهيار الاتحاد السوفييتي كتب العديد من المفكرين وعلى رأسهم فوكوياما مبشرين بعصر جديد تكون فيه الغلبة للفكرة الليبرالية ببنائها المرتكز على الفرد، والانحسار الكامل للأفكار ذات الطبيعة العقدية أو ما يصطلح على تسميته بالأيديولوجيا، وخلال العقود التي تلت استمر تراجع هذه الأفكار مع انحسار الخطاب الشيوعي والديني والقومي لصالح خطاب معولم ليبرالي قادته ثورة الاتصالات، ولكن الأزمات الاقتصادية المتلاحقة منذ عام 2008 وما تخللها من تحولات سياسية أظهرت إلى السطح مرة أخرى صراع الأفكار بشكله العقدي. لا شك أن الصراعات السياسية بين مختلف التوجهات والأحزاب والرايات لم تتوقف في أي وقت عبر التاريخ ولكن ما حاول أن يشير إليه العديد من الباحثين الغربيين في فترة ما بعد الحرب بين خمسينيات وسبعينيات القرن الماضي هو الأفول التدريجي للأفكار التي قادت الصراعات البشرية خلال العقود التي سبقت تلك الفترة، سواءً كانت الصراعات الدينية بين الشرق والغرب أو بين فصائل المسيحية غربياً أو بين الفاشية والشيوعية والرأسمالية، أفول نجم الشيوعية وتراجع دور الدين في الحياة العامة شجع أصحاب هذا التوجه على الوصول إلى نتيجة مفادها

في انتظار الربيع

أكثر من عقد مرَّ على انطلاقة شرارة الربيع العربي، تلك الشرارة التي اشتعلت سريعاً لتطوف عديداً من العواصم العربية، راسمةً الهلع على وجوه استفادت طويلاً من نظام الاستبداد العربي، وزارعةً بذور الأمل في جيل صاعد لم يتسرب إليه اليأس بعد.  وبعد مرور عشر سنوات، تبدو الصورة قاتمة؛ كل عواصم الربيع، من القاهرة إلى طرابلس ومن صنعاء إلى دمشق، عادت إلى أحضان الاستبداد، حتى تونس التي كانت تمثل النموذج في ثورات الربيع العربي تنتكس فجأة، من جرّاء الأزمة السياسية هناك ويعطَّل فيها عمل البرلمان وتعود الاعتقالات السياسية، فيما يبدو أنه مسمار أخير يُدقُّ في نعش الربيع. على الرغم من أن تونس مرت بانتقال سلمي للسلطة أكثر من مرة وشهدت نوعاً من الاستقرار لم تشهده بقية عواصم الربيع العربي، فإن نظام ما بعد الثورة لم ينجح في تحقيق الطموحات العالية التي سطَّرتها ملاحم الثورة، مجتمع العدالة والمساواة والازدهار الذي حلمت به الشعوب صار سراباً وتلاشى تدريجياً مع إكراهات الأزمات السياسية والاقتصادية والمواجهات الحزبية وسيطرة رؤوس الأموال والتدخلات الخارجية على المشهد. الوضع كان على مشارف الهاوية وجاءت التطورات الأخيرة